معين ، ولا بد له من شكل معين ، ولا بد وأن يكون صلبا أو رخوا. وقد دللنا على أن اختصاص كل واحد من الأجسام بصفته المعينة ، لا بدّ وأن يكون من الجائزات. ولا بد للجائز من مرجح ومخصص. فثبت بهذا : افتقار جميع الأجسام فى أحيازها وصفاتها الى مخصص ومرجح ، ثم ذلك المرجح ان كان جسما افتقر هو أيضا فى حيزه المعين ، وشكله المعين ، وصفته المعينة الى مخصص ومرجح ، ثم ذلك المرجح الى مخصص ومرجح. وذلك يفضى الى التسلسل. وهو محال ـ كما سبق ـ فثبت : افتقار جميع الأجسام فى جميع صفاتها الى موجود ليس بجسم ولا بجسمانى. واذا أردنا أن نبين أن ذلك الموجود : واجب الوجود لذاته ، رجعنا الى بعض ما ذكرناه فى البرهان الأول.
الطريق (١٦) الثالث فى اثبات العلم بالصانع تعالى : الاستدلال عليه بحدوث الجواهر والأجسام :
وتقريره : ثبت أن الأجسام محدثة ، وكل محدث فله محدث. فالأجسام مفتقرة الى المحدث. أما بيان أن الأجسام محدثة ، فقد تقدم. وأما بيان أن كل محدث ، فله محدث. فللناس هاهنا طريقان :
الأول : ان كل محدث فهو جائز الوجود لذاته ، وكل ما كان جائز الوجود لذاته ، فهو مفتقر الى المؤثر. وانما قلنا : ان كل ما كان محدثا ، فهو جائز الوجود لذاته. وذلك لأن كل ما كان محدثا ، فقد كان قبل وجوده معدوما. ولو لم تكن ماهيته قابلة للعدم ، لما كان معدوما.
وأيضا : كل محدث ، فانه بعد حدوثه موصوف بالوجود ، ولو لم
__________________
(١٦) البرهان : ص.