عليّ كظهر أمي ، فتحرم عليه ، أو تجمّد وضعها معه ، بحيث تبقى معلّقة ، فلا هي متزوّجة منه لامتناعه عن مواقعتها ، ولا هي مطلقة لبقاء العلاقة التي تمنعها من إنشاء علاقة مع إنسان آخر ، حسب اختلاف النقل عن خصوصية هذه العادة.
وقد انطلق التشريع الإسلامي من طبيعة الرفض للمنطق الذي عبّر به الجاهلون عن فسخ العلاقة الزوجية أو تجميدها ، وهو اعتبار الزوجة بمنزلة الأم ، مما يجعل حكمها حكم الأم في التحريم ، بطريقة ملزمة لا مجال للرخصة فيها ، تماما كما لا مجال للرخصة في موضوع الأم ، ولكن الكلمة لا تغير حقائق الأشياء ، فللأم معناها في ما هي العلاقة النسبية ، وللتحريم عمقه في ما هي الأسرة في العلاقات الإنسانية وطبيعة الأنظمة التحريمية أو التحليلية فيها من حيث ارتباطها بخصوصيات الأشخاص الذين يتحركون في داخلها ، ومن حيث الفكرة العامة التي تحكمها في تنظيم الخطوط العامة والخاصة التي تحكم كل مجالاتها.
ولهذا فإن للزوج أن يجمّد علاقته بزوجته أو يلغيها ، ولكن لا بد له من أن يعبّر عن ذلك بطريقة مباشرة ، مثل كلمة الطلاق ونحوها ، مما ينسجم مع طبيعة الأشياء ، تماما كأيّة علاقة إنسانية أخرى ، ذات خصائص معينة ، في ما يراد لها من اتصال وانفصال ، وليس له أن يعبّر عنها بهذه الطريقة التي تسيء لسلامة التصور في تمييز العلاقات عن بعضها البعض ، مما لا يملك الإنسان أمر تحريك الالتزام التشريعي في حياته على أساسه ، فلا حق له أن يمتنع عن العلاقة بزوجته بعنوان أنها كأمّه ، ليعاملها ـ في دائرة الممارسة ـ بما يعامل به أمّه ، لأن مسألة الأم شيء ، ومسألة الزوجة شيء آخر ، فالتحريم في الأم متصل بالجانب الذاتي الثابت الذي لا يمكن تحريكه في اتجاه آخر من خلال عمق الخصوصية التي يستند إليها التشريع في جانبه الشعوري وفي جانبه الاجتماعي ، بينما التحريم في الزوجة ـ في حال الانفصال ـ أمر متحرك في