عقلية الآخر وظروفه الخاصة الذاتية والعملية ، بحيث يراعيها ويأخذها في الحسبان ، وبالتالي عليه أن يرحمه من خلال تقديره لكل العوامل السلبية والإيجابية التي يخضع لها في حركة الخطأ والصواب في علاقته بالآخر ، أو في تصرفاته الشخصية في نفسه ، مما يجعل العلاقة مرتكزة على العنصر الداخلي الحميم فيما بينهما ، أكثر مما هي مرتكزة على القانون في قيوده.
* * *
التنوع في خلق الله
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) في ما يتمثل فيهما من أسرار ودلائل الإبداع من خلال ما بثّ الله فيهما من الظواهر الكونية ، التي تتحرك بالنظام الكوني الذي يخضع له الإنسان وتتحرك من خلاله الحياة ، على أساس الحكمة التي تضع كل شيء في موضعه ، وتحسب لكل صغيرة وكبيرة من مفرداته حسابها في حركة الوجود ، بما يوحي للعقل المتأمّل بأن وراء ذلك قدرة حكيمة خالقة أعطت كل شيء هدايته ، ومنحته سرّه (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) فكيف اختلفت الألسنة ، وكيف نشأت اللغة ، وما هو السرّ في اختلاف اللغات؟ هل هي الحاجة إلى التعبير؟ وكيف اختلفت وسائل التعبير عنها ، هل هناك معلّم علّم هؤلاء غير ما علّم أولئك ، أو هناك أكثر من معلم تختلف ثقافتهم اللغويّة اللسانية ، ومن هو الذي علّمهم؟ هل هناك غير الله الذي ألهم هؤلاء غير ما ألهم أولئك ليكون ذلك سبيلا للتنوّع الذي قد تختلف فيه الخصائص الذاتية فتتبعها الخصائص الحضارية؟
ثم ، كيف اختلفت ألوانهم ، وهل السرّ يتعلّق بالأرض ، أو بالمناخ؟ وكيف تتفق الألوان في المكان الواحد والمناخ الواحد؟ قد يكون لبعض هذا دخل في هذا وذاك ، وقد تكون هناك خصائص ومؤثرات أخرى ، ولكن السبب في ذلك هو خالق الإنسان كله ، بأسوده وأبيضه وأحمره وأصفره ، وعربيّه