يختارونه من طاعته عند ما يطيعونه ، وفي ما يخضعون له من القوانين والسنن الكونية التي يرتبط بها وجودهم حيث لا يملكون الخروج عنه والتمرد عليه.
* * *
إعادة الخلق أهون من بدئه
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) فيوجده من عدم (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بعد الموت ليعود خلقا حيّا من جديد (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) لأنّ الإعادة أسهل من البدء ، باعتبار أنه يمثل الخلق من غير مثال ، بينما تمثل الإعادة الإنشاء على صورة الإنشاء الأوّل من خلال النموذج السابق.
وقد أثار المفسرون الجدل حول معنى الآية ، لأنها جعلت الإعادة أهون على الله من البدء ، وذلك يعني اختلاف قدرته في تعلقها بالأشياء في ميزان السهولة والشدة ، وهذا مناف للقدرة الإلهية المطلقة التي لا يختلف حالها في تعلقها بشيء دون شيء ، مما يجعل تعلقها بالسهل والصعب على حدّ سواء. والظاهر أن المشكلة انطلقت من خلال التركيز على كلمة «عليه» التي توحي بالتفاضل بين الأهون والأصعب في قدرة الله ، لأنه موقع التفاضل في التعبير. ولكن المتبادر هو ما ذكره الزمخشري من أن التفضيل إنما هو للإعادة في نفسها بالقياس إلى الإنشاء الابتدائي لا بالنسبة إليه تعالى (١). ووقوع التفضيل بين فعل منه وفعل لا بأس به كما في قوله تعالى : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) [غافر : ٥٧]».
ولا وجه لما اعترض به صاحب تفسير الميزان بقوله : «وفيه أن تقييد
__________________
(١) يراجع : الزمخشري ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الخوارزمي ، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، دار الفكر ، ج : ٣ ، ص ٢٢.