حياة جديدة ترجع فيها إلى الله حيث تواجه حساب المسؤولية. ولذلك فلا بد لك من أن تجعل كل حركتك وعلاقتك في الدنيا بكل الناس من حولك ، حتى أبويك ، مربوطة بالخط الذي يقرّبك إلى الله (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فإذا كان والداك هما اللذان أخرجاك إلى الحياة بشكل مباشر ، فإن الله هو الذي خلقهما من قبلك ، وهو الذي أودع في جسديهما سرّ انتقال الحياة إليك ، فهو الأوّل والآخر في ذلك كله.
* * *
لا طاعة للوالدين في الشرك
(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فاستعملا كل الضغوط التي يملكانها في السيطرة عليك لتنحرف عن خط التوحيد إلى خط الشرك الذي لا حجة لك عليه ، ولا علم لك به من ناحية البرهان ، أو لتنطلق إلى خط الضلال بعيدا عن خط التقوى ، لتتخبط في وحول المعصية ، ومتاهات الكفر ، ليقنعاك بأن الولد لا بد من أن يتبع والديه ، وينسجم مع قناعاتهما ، لأن طبيعة العلاقة الحميمة القوية تفرض الارتباط بالعقيدة والسلوك ، لتكون العائلة موحّدة في الفكر والانتماء والسلوك (فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) في هذا المنطق الخاطئ ، لأن طاعة الله هي الأساس ، فهو وحده الرب الذي يجب أن يعبده الناس كلهم ويطيعوه في كل أوامره ونواهيه ، ومهما بلغت علاقة الإنسان بالناس ، فإن علاقته بالله أقوى ، وحاجته إليه أشد ، لارتباط كل حياته به ، إذا كانت حياته ترتبط بهم في فترة معينة ، في الوقت الذي يمتد فيه الارتباط إلى إرادة الله ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولكن ذلك لا يمنع من بقاء الصلة الحميمة ، والإحسان إليهما ، والصحبة لهما بالمعروف ، بالرفق بهما ، والصبر عليهما ، والرعاية لهما في كل الأمور التي تفرضها العلاقة