الإيمان الشكلي والإيمان الحقيقي
إن مسألة المؤمنين في مسئولية الإيمان في حياتهم ، هي مسألة السابحين ضد التيّار القويّ الجارف ، فلا يثبت أمامه إلا الأقوياء الذين يملكون فنّ السباحة في الأمواج الهائجة التي تتلاعب بها التيارات ، ويتمتعون بقوّة العضلات التي يستطيعون من خلالها أن يضربوا اندفاع التيار ، ويتلقوا ضرباته ، أمّا الضعفاء الذين تعوّدوا السباحة في المياه الهادئة ، في مجرى التيار ، واستراحوا لنقاط ضعفهم في شخصياتهم الخائفة وعضلاتهم الخاثرة ، فإنهم سوف يسقطون في قلب الأمواج ليدفعهم التيار إلى أعماق البحر.
وهكذا يريد الله أن يقول للذين آمنوا بالكلمة وبالانتماء الشكلي للإسلام ، إن الدخول في الإسلام ليس نزهة ينتقل الإنسان في أجوائها في الأرض المعشبة الخضراء الزاهية بألوان الورود ، وليس استرخاء يرتاح فيه الإنسان للخمول وللكسل ليعيش أحلام اليقظة البهيجة ، أو ليغطّ ـ من خلاله ـ في نوم عميق ، وليس هروبا من واقع تزدحم فيه مشاكل الحياة ، إلى واقع بعيد عن المشاكل ، بل هو حركة في داخل المعاناة ، ورحلة طويلة إلى الله في الدروب الشائكة والمواقع الخطرة ، حيث يتنقل فيها بين العقبات والصعاب ، في أعماق الوديان ، وفي وعورة الجبال في الليالي المظلمة ، وفي الأيام القاتمة المليئة بالغيوم ، مما يفرض على السائرين معها الكثير من الصبر على الآلام ، والتمرّد على الحرمان ، والاستمرار في السير على الطريق المستقيم ، والتباعد عن الطفيليات النفسية التي تستنزف روحية الإنسان المسلم فتبعده عن الآفاق الروحية في رحاب الله.
وقد يلتقي الإنسان المسلم في ما يلتقي في طريقه إلى الله ، القوى