من ذلك من حيث لا يحتسب ، (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الذي يسمع دعاءكم في طلب الرزق عند ما تدعونه ، ويعلم ما تحتاجون إليه مما تملكونه ، ولا يغيب عنه أيّ شيء في ذلك ، فلا تخافوا أن تموتوا من الفقر والحرمان والجوع إذا هاجرتم في سبيل الله ، وواجهتم القوى التي تبعدكم عن دين الله من الكافرين والطاغين ، فإنهم لن يمنعوا عنكم رزقا قدّره الله لكم ، ولن يتمكنوا من أن يقرّبوا أجلا أبعده الله عنكم ، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام «إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخلقان من خلق الله ، وإنهما لا يقرّبان من أجل ولا ينقصان من رزق».
* * *
عدم استسلام العاملين للتهاويل
وهكذا توحي الآية لنا أن على العاملين في سبيل الله أن لا يستسلموا لتهاويل الخوف التي تثيرها القوى المستكبرة ضد القوى المستضعفة ، انطلاقا من كل التهديدات التي تطلقها بالحصار الاقتصادي الذي تضيق معه فرص الحياة وظروف العيش الهنيّ ، باعتبار أنها التي تملك الثروة الغذائية ، فهي التي تستطيع أن تمنع الناس من لقمة العيش ، وهي التي تملك أن تعطيها من خلال قدراتها المادية على أساس شروطها الثقافية والأمنية والسياسية والاقتصادية ، في ما يضغط على حريات الأمة ويصادر إرادتها ، ويقيّد مستقبلها بقيود ثقيلة.
إن الثقة بالله وبرحمته وقدرته على أن يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، فيعطي من يشاء ، حتى لو منعه الناس ، ويمنع من يشاء حتى لو أعطاه الناس ، إن ذلك هو الذي يؤكد للمؤمن ثقته بنفسه وبالحياة من حوله ، من خلال