ولعل الحديث وارد لتفسير الفقرة الأولى (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) ، لأن لفظه يتناسب معها ولا يتناسب مع الفقرة الثانية ؛ والله العالم.
* * *
إيتاء المنكر في النادي
(وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) فقد كانوا ـ على ما يبدو ـ يجتمعون في مجلسهم الذي يلتقون فيه ، بصفتهم الاجتماعية ، فيمارسون الفحشاء ، أو يقومون ببعض مقدماتها بطريقة علنيّة ، وبذلك تكون الفقرة تأكيدا لما تقدّم ، من جهة الحديث عن إتيانهم المنكر ، وبيانا لحدوث ذلك في النادي العام.
وقيل : المراد بإتيان المنكر في النادي ، أن مجالسهم كانت تشتمل على أنواع المنكرات والقبائح مثل الشتم والسخف والقمار وخذف الأحجار على من مرّ بهم وضرب المعازف والمزامير وكشف العورات واللواط ونحو ذلك.
والظاهر أن لوطا كان يريد إثارة الإنكار عليهم في ذلك كله ، ليقودهم إلى الحوار ، ليؤدي ذلك إلى تحليل الأمور بطريقة عقلانية من جهة ، وإلى تخويفهم من المصير الذي ينتظرهم من عذاب الله في الدنيا والآخرة من جهة أخرى ، على ما هي الطريقة المألوفة في خط الأنبياء ، من تحريك العقل نحو التفكير ، وتحريك الشعور نحو الخوف ، ليتوازن في شخصية الإنسان ، الجانب العقلي مع الجانب الشعوري ، لأن ذلك هو سبيل التكامل في حركة الإنسان.
* * *