الزمن في حساب العلم. وهكذا فقد جاءني من العلم ما لم يأتك (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) يقودك إلى الإيمان بالله والعمل بما يرضيه ، والانفتاح على الآفاق الحلوة في الحياة ، والوصول الى جنته ورضوانه .. ، وذلك هو سبيل السعادة في الدنيا والآخرة.
(يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) في ما تمثله العبادة من الطاعة له بما يوسوس للإنسان من وساوس الشر ، وما يزينه له من أفعال الجريمة ، ومن الابتعاد عن الله وعن خطّه المستقيم ، إلى غير ذلك مما يجلب لك الشقاء في الدنيا والآخرة ، فابتعد عنه ، واقترب من ساحة الله ، في خط عبادته (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) فقد عصى الله في البداية ، عند ما أمره بالسجود لآدم ، وما زال مقيما على معصيته ، وداعيا الآخرين إليها ليقودهم إلى عذاب السعير.
(يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ) بسبب طاعتك للشيطان وعصيانك لله ، (فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) يتولى أمرك لأنك تتولّى مواقفه ومواقعه ، ومن كان الشيطان مولاه فإنه سائر إلى الهلاك ، ومن كان الرحمن مولاه فإنه سائر إلى الخير والنجاح والفلاح.
(قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ) كيف تتجرأ على الانفصال عن خط أبيك فتتركه ، وتترك مقدساته ، وترغب عن آلهته؟ وما هذا اللغو الذي تتحدث به ، وكيف تجرؤ على أن تتخذ لنفسك صفة الواعظ المرشد الموجّه لأبيك؟ متى كان الصغار يعلّمون الكبار ، أو يناقشونهم في أقوالهم أو أفعالهم؟ هل تريد أن أناقشك في كلامك ، أو أستمع إليك؟ أصحيح أنك تفكر بهذه الطريقة؟ ردى الوحيد عليك هو أنك (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) عن هذه السلوك ، وعن هذا الكلام (لَأَرْجُمَنَّكَ) وهذا يعني تهديده بالقتل رميا بالحجارة ، (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) وابتعد عني وقتا طويلا فلا أراك ولا تراني ، لأني بريء منك ، براءتي من عقيدتك وسلوكك.