ومثله قال سيبويه : «إنه وإن وحّد لفظ السمع إلّا أن ذكر ما قبله وما بعده بلفظ الجمع دليل على إرادة الجمع».
ومنه أيضا قال تعالى : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [البقرة : ٢٥٧] ، (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ) [ق : ١٧] ؛ قال الراعي.
١٦٥ ـ بها جيف الحسرى فأمّا عظامها |
|
فبيض وأمّا جلدها فصليب (١) |
أي : جلودها.
وقرأ ابن أبي عبلة (٢) : «أسماعهم».
قال الزمخشري : واللفظ يحتمل أن تكون الأسماع داخلة في حكم الختم ، وفي حكم التّغشية ، إلّا أن الأولى دخولها في حكم الختم ؛ لقوله تعالى : (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً).
و «الأبصار» : جمع بصر ، وهو نور العين الذي يدرك به المرئيات.
قالوا : وليس بمصدر لجمعه ، ولقائل أن يقول : جمعه لا يمنع كونه مصدرا في الأصل ، وإنما سهل جمعه كونه سمي به نور العين ، فهجرت فيه معنى المصدرية ، كما تقدم في قلوب جمع قلب.
وقد قلتم : إنه في الأصل مصدر ثم سمي به ، ويجوز أن يكنى به عن العين ، كما كني بالسمع عن الأذن ، وإن كان السّمع في الأصل مصدرا كما تقدم.
وقرأ أبو عمرو والكسائي (٣) : «أبصارهم» بالإمالة ، وكذلك كلّ ألف بعدها مجرورة في الأسماء كانت لام الفعل يميلانها.
ويميل حمزة منها ما تكرر فيه الراء «كالقرار» ونحوه ، وزاد الكسائي إمالة (جَبَّارِينَ) [المائدة : ٢٢] ، و (الْجَوارِ) [الشورى : ٥٢] ، و (بارِئِكُمْ) [البقرة : ٥٤] ، و (مَنْ أَنْصارِي) [آل عمران : ٥٢] و (نُسارِعُ) [المؤمنون : ٥٦] وبابه ، وكذلك يميل كل ألف هي بمنزلة لام الفعل ، أو كانت علما للتأنيث مثل : (الْكُبْرى) [طه : ٢٣] ، و (الْأُخْرى) [الزمر : ٤٢] ، ولام الفعل مثل : (يَرَى) [البقرة : ١٦٥] ، و (افْتَرى) [آل عمران : ٩٤] يكسرون الراء منها.
__________________
(١) البيت لعلقمة بن عبدة. ينظر ديوانه : (٤٠) ، والكتاب : ١ / ٢٠٩ ، المفضليات : (٣٩٤) ، والدر المصون : ١ / ١٠٨.
(٢) قرأ بها ابن أبي عبلة. انظر الكشاف : ١ / ٥٣ ، والدر المصون : ١ / ١٠٨ ، والقرطبي : ١ / ١٣٣.
(٣) وقرأ بالإمالة أيضا ورش انظر حجة القراءات : ٨٧ ، وإعراب القراءات السبع وعللها لابن خالويه : ١ / ٦٠ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٣٧٦.