وقد اعتقد المصريون بالموت والبعث والحشر ووزن الأعمال والنعيم والعذاب ، وغير ذلك من قضايا العقيدة ، ووضعت الأحكام والتشريعات والأخلاق عندهم متمشية مع هذه العقيدة التي فيها مراقبة الله سبحانه والخوف منه ومن غضبه وعقابه (١).
هذه الدعوة في مجملها لا تختلف عن أي دعوة توحيدية كانت تظهر بين الفينة والفينة بعناية الله سبحانه لبني الإنسان من الضلال والخسران ، والمعروف أن قدماء المصريين تأثروا في نهاية الأمر بالمسيحية من القرن الأول الميلادي.
لذا فلا غرابة إذا وجدنا القرآن الكريم يذكر ما ذكر في الديانات التوحيدية السابقة وذلك لوحدة المصدر في كلها. والغريب أن يستنكر «تسدال» مثل هذا الأمر ، ولما ذا لم يعب على النصرانية أن جاءت بما دعت إليه المصرية القديمة من قضايا عقدية قبل أن يتنصروا؟
وكذلك ما ذكره «تسدال» أن القرآن والإنجيل توافقا في لفظ آية وحديث والآية المقصودة قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ ..) الآية (٢).
وقد شابهها في إنجيل لوقا قوله : [.. فلما رآه يسوع قد حزن (أي أحد الأغنياء) قال : ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله لأن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ..](٣).
وكذلك ورد مثل هذه الفقرة في إنجيل متى الإصحاح ١٩ وإنجيل مرقس الإصحاح ١٠.
__________________
(١) انظر كتاب الديانة القديمة المصرية من ص ٨١ ، ٢١١ وما بعدها ، وكتاب الإنسان في ظل الأديان ص ١٣٨ وما بعدها.
(٢) سورة الأعراف آية ٤٠.
(٣) إنجيل لوقا الإصحاح ١٨ فقرة ٢٤ ـ ٢٥.