كانت لترفع من شأنها كما الليف من النخل ، فما أغنى عنها مالها وما كسبت ، كما لم يغن زوجها ، فحكم العقد الذهبي في جيدها كحبل من مسد سواء ، فإن الحيوان حيوان ما لم يحمل صفات الإنسان ، وإن لم يحمل على ظهره ثياب الإنسان الفاخرة ، والإنسان إنسان ما حمل صفات الإنسان وإن لم يحمل من ثياب الإنسان وزخرفات الحياة شيئا.
إذا فحق التعبير عما كانت تعلق في جيدها : أنه حبل من مسد ، بكل مصاديقه : حبل الأشواك ، وحبل الشيطان ، وحبل الذهب!
إنه : حين انتشرت هذه السورة ـ وما تحمله من تهديد ومذمة وتصوير زري لأم جميل خاصة ، تصوير يثير السخرية من امرأة معجبة بنفسها ، مدللة بحسبها ومالها ونسبها ، ثم ترتسم لها هذه الصورة (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) ـ.
حينها استنفرت ونهضت بأكثر مما كانت ضد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فقد يروى عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت : لما نزلت هذه السورة أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر : (حجر قدر ملاء الكف) وهي تقول : مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا ، والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس ومعه أبو بكر. فقال له (ص) أبو بكر : لو تنحيت لا تؤذيك بشيء ، فقال رسول الله (ص): إنه سيحال بيني وبينها ، فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر فقالت : يا أبا بكر! هجانا صاحبك ، فقال أبو بكر : لا ورب هذه البنية ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به .. فلما ولت قال أبو بكر : ما رآك؟ قال (ص) : لا! ما زال ملك يسترني حتى ولت ، وروي عنه (ص) أنه قال : صرف الله سبحانه وتعالى عني ، ثم إنهم يذمون مذمما وأنا محمد (١)
__________________
(١) نور الثقلين ج ٥ ص ٦٩٨ ح ٦.