فإذا كان نكال الأولى عنيفا قاسيا دائبا على روحه ببدنه ، فكيف بنكال الآخرة وهو أشد وأنكى وأبقى؟ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى).
عبرة ما أعظمها بما يرى بدنه القذر في الأهرام ، يراه السائحون الوافدون إلى مصر ، عبرة لمن يخشى الله ويخشى نكاله الآجل والعاجل ، وكلّ سائر على نهجه ، وكل إنسان يعمل على شاكلته.
* * *
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) (٣٣)
.. جولة أخرى لها جرسها الصارخ في أعماق الأسماع ، تندّد بالمشركين الطغاة المعتدين المغترين بقوتهم ، ردا لهم إلى شيء من مظاهر القوة الإلهية الكبرى الملموسة المحسوسة ، التي لا تحسب قوّتهم بجنبها شيئا يذكر.
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً) :
قوة وصلابة ورموزا وغموضا ، بدءا وعودا.
(أَمِ السَّماءُ بَناها) :
بناها كسماء لا كسبع سماوات ، لأن دحو الأرض وإخراج مائها ومرعاها ،