وأما إذا اتّخذ العمل ذريعة للإفساد فلا أفسد منه ، كما كانت أم جميل امرأة أبي لهب تحمل الشوك والحطب وتضعها في طريق الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم لكي تؤذيه ، وعلّها توقعه فتؤلمه صلّى الله عليه وآله وسلّم وتحطّ من كرامته.
وكما كانت تمشي بالنميمة عامة ، وضد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم خاصة لتهريج موقفه ، والنميمة من شر الأحطاب ، إذ إن الحطب يحرق الإنسان وماله ، والنميمة تحرق عليه عيشه ودعوته وحياته ، وتحرق المجتمع الإنساني.
وكما كانت تلدغ بلسانها النبي الأقدس فتذمّه وتعيّره بالفقر أو السحر والجنون ، تلميذة لزوجها ، فرعا طبق الأصل.
فكانت بذلك كله ، تحمل مختلف ألوان الخطايا والآثام ، فهي إذا حمالة الحطب لا حاملته ، حمالة لكثرة مزاولتها لحمله ، وأنها استغرقت حمل كافة ألوان الأحطاب لتحرق على الرسول دعوته ، فهي لهبة كما زوجها لهب (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ).
(فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) :
المسد هو الليف : فهل هو هنا حبل من ليف النخل ، أم حبل من ذهب شبّه بالليف؟ أم حبل الشيطان يقودها حيث يشاء؟
إن حمل الحطب بحاجة إلى ليف يشد به ، فلكل نوع من الأحطاب ليفه المناسب له.
فحملها للأشواك لتلقيها في طريق الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كان بليف من النخل ، وحملها بالنميمة والتهمة ضد الرسول كان بحبل من الشيطان في عنقها ، وحملتها على الرسول وتعييرها إياه كانت بدافع ثروتها التي اعتزت بها ، ولكن الذهب ما