(بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ. فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) :
«بل» * ليس كما يزعم أن القرآن قد ينال منه بزيادة أو نقصان ، كما أن أمة القرآن ينال منهم بين الأمم ، (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) : واسع في الكرم والجلال ، كما الله مجيد ، ولا نجد وصف المجد في القرآن إلا للقرآن بعد الله تعالى : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ، قُرْآنٌ مَجِيدٌ) ، فكما من المستحيل أن ينال من ذات الله وصفاته وأفعاله (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) ، وليس مغلوبا في أمره ، كذلك القرآن ـ حسب هذا النص ـ مجيد : واسع في كرمه وهدايته سعة الرحمة الإلهية ، جليل عزيز لا يذل ولا يغلب ، وما أكذوبة تحريف القرآن إلا ذلا ودمارا ، يتنافى ومجده ، وهو المجيد الرفيع العريق الكريم ، وهل أمجد من قول الله ذي العرش المجيد؟
ومن لطيف الأمر أن الله تعالى يسوّي بين مجده ومجد كتابه في الأصل وفي العدد : مرتين مرتين (١).
(فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) ضمن الله تعالى حفظه عن التحريف والتصريف ، أيا كان ، بزيادة أو نقصان ، أو أي تحوير وتغيير : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١٥ : ٩) تأكيدات ست في جماع من القدرة والرحمة الربانية تؤكد حفظ القرآن عن الضياع والتحريف.
فلقد حفظ القرآن المجيد ، في لوح محفوظ : صفحة لائحة ظاهرة لمن يتمجد به من المكلفين ، لا في لوح عند الله ، أو عند رسول الله وعترته المعصومين فحسب ، فإنّ ما هنا لك ليس لائحا إلا عند أهله ، ولوح القرآن مجيد واسع الكرم ، فهو محفوظ في كافة الألواح ، ألواح الصدور والصحف ،
__________________
(١) ق والقرآن المجيد (٥٠ : ١) بل هو قرآن مجيد ، إنه حميد مجيد (١١ : ٧٣) ، ذو العرش المجيد. وقد بحثنا عن صيانة القرآن عن التحريف في كتابنا (المقارنات) ص ٢٢٧ ونبحث في طيات الآيات المناسبة هنا.