(هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) :
(لِذِي حِجْرٍ) : ذي عقل (١) يحجره عما ينافي العقل ، وهو يحجر ما يعقله العقل ، هل في ذلك ـ الأقسام الشاملة للكائنات كلها ـ قسم للعقلاء؟ أجل! وتمام القسم!.
فلقد أقسم الله هنا بالمختلفات : بالفجر ، فمنه صادق ومنه كاذب (٢) ، وبالليالي العشر : الظاهرة في الظلام ، الباطنة في النور ، فهي على ظلمها خير من الفجر الكاذب ، وبالشفع والوتر : حقه وباطله ، وبالليل إذا يسر : يسري لكي يزداد ظلما ، ثم يستقبل الفجر فوضح النهار : هل في ذلك قسم لذي حجر؟.
قسما بهذه وتلك .. إن ربك لبالمرصاد ، فكن ذا حجر تحجر ما ينفعك لحشرك ، وتهجر ما يضرك (٣).
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ. إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) :
فمن هم عاد؟ وما هي إرم ذات العماد؟
إن عادا ـ هنا ـ هم عاد الأولى ، قوم هود عليه السّلام : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) (٥٣ : (٤) ٥٠) ، ولا نعرف عن الثانية شيئا ، ثم أصلهم هو عاد بن عوص ابن إرم بن سام بن نوح ، وقد أنذرهم أخوهم هود بالأحقاف : بلاد الرمال :
__________________
(١). نور الثقلين ٥ : ٥٧١ عن الباقر (ع).
(٢). الكاذب هو المستطيل طولا كذنب السرطان ، والصادق هو المستطير عرضا في أفق السماء ، فهو مبدأ النور ومبدأ أحكام شرعية.
(٣). ألم تر ـ إلى ـ عذاب : جملة معترضة يستعرض ماضي العصيان من عاد وفرعون وثمود ، أكبر حمقاء الطغيان.