وكل ذلك يتطلب لها حياة بعد الدنيا ، من عدل الله ورحمته ، ولكي تجزى كل بما تسعى.
هذه الآية هي الفريدة في نوعها ومن حيث حشر الدواب ، ثم تضافر الروايات تدلنا على ما استوحينا منها (١).
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) :
البحار هنا هي كل البحار ، أرضية وسماوية ، والتسجير هو تهييج النار ، من سجرت التنور إذا أو قدتها ، فكيف تهيج البحار بالنار ، فأين الماء وأين النار؟
الجواب : أن الآية توحي للمصير الأخير للبحار يوم تكوير الشمس وانكدار النجوم ، وأنها سوف تنقلب نارا بعد ما كانت بحارا كالترتيب التالي :
إن البحار تفجّر في البداية : (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) (٨٢ : ٣) تفجّرا على أثر زلزال الأرض وانشقاقها ، والتفجر هو الانشقاق الواسع ، تفرقا وانشقاقا لمياهها ، وتغلغلا عن حراكها الشديدة ـ والحركة تولّد الحرارة ـ وعن ازدياد حرارة الشمس عند تكويرها.
__________________
(١) ففي نور الثقلين ١ : ٥٩٢ عن الفقيه أن النبي (ص) أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها فقال : أين صاحبها؟ مروه فليستعد غدا للخصومة.
وفي المجمع عن أبي ذر قال : بينا أنا عند رسول الله (ص) إذا انتطحت عنزان ، فقال رسول الله (ص) : أتدرون فيما انتطحا؟ فقالوا : لا ندري! قال : ولكن الله يدري وسيقضي بينهما.
وعن محمد بن جرير وغيره بزيادة : قال أبو ذر : لقد تركنا رسول الله (ص) وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما».(الدر المنثور ٣ : ١١).
وعن الكافي بالإسناد عن سماعة بن مهران قال : أخبرني الكلبي النسابة قال : قلت لجعفر بن محمد (ع) ما تقول في المسح على الخفين؟ فتبسم ثم قال : إذا كان يوم القيامة ورد الله كل شيء إلى شيئه ، ورد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم.