ما يكذب بجنانه؟ حيث الدين : الطاعة ، هو لفظ الإيمان ، وعقيدة الإيمان ، وأعمال الإيمان ، وكلّ يتطلب رؤية تناسبه.
(يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) : هو طاعة الله يوم الدنيا ، والجزاء عليها ، يوم الدين وهو بروز حقيقة الطاعة يوم الجزاء ، والتكذيب بالدين قد يعم مراحله الثلاث ، وقد يخص مرحلة دون أخرى ، وقد يختص بما يحق في كلّ مرحلة وإن كان يؤمن بها إجمالا ، فمن يعمل عمل المنكر المكذب لطاعة الله ، فهو محسوب من المنكرين المكذبين ، إذ إن الغاية من ألفاظ الإيمان وعقائد الإيمان هي أعمال الإيمان ، وإن كانت لعقيدة الإيمان أصالة فلأنها نبعة الأعمال الصالحة.
والدين الطاعة هو الإسلام لله والتسليم له بكافة المظاهر والأسرار : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٣ : ١٩) (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) .. (٣ : ٨٣). والدين القيّم هو طاعة الله وحده : (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١٢ : ٤٠) (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (٤ : ١٢٥).
في هذه السورة عرض للتكذيب العملي الناشئ عن التكذيب العقائدي ، أو كأنه هو ، حيث الأثر هو الأثر ، وهو اللامبالاة بشأن الخلق والخالق سواء.
(فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) :
اليتيم لغويا هو «المنقطع» عما يحق الاتصال به لنضارة الحياة : ماديا ومعنويا : من رحمة وعناية أبويه ، وحنان الأم ، ومن هداية إلهية ، وكما يجب للإنسان إنسانيا رحمة الأبوين ، كذلك ـ وأحرى له ـ التوجيهات الربانية ، ومن الواجب الجماعي الإسلامي رعاية اليتامى من كافة الأصناف ، الرعاية الأبوية لجبران نقصها بفقد الآباء ، والرعاية الروحانية كذلك ـ أصالة ـ ولجبران نقصها