بعيدون عن وحي السماء ، بعد ما بين الأرض والسماء ، منحطين خابطين إلى وحي الأرض قربهم إلى الأرض.
(يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) : يتلو ـ دون أن يكتفي بالقراءة ، فالتلاوة هي المتابعة :(وَالشَّمْسِ وَضُحاها. وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) (٩١ : ٢ ـ ٣) فكما القمر قمر ما دام يتلو الشمس ، كذلك الرسول هو شمس هداية السماء ما دام يتلو القرآن ويتبعه قراءة وإقراء ، تفكيرا واعتناقا ، تطبيقا ونشرا ، وأن تكون حياته حياة التبعية لوحي القرآن أيا كان ، وأن يصبح هو قرآنا ناطقا عاملا موجها هاديا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ما دام فيهم ، ثم يبقى قرآنه صورة عن هذه الحتمية ، سندا بعده وإلى يوم الدين ، منارا يقاس عليه الغث والسمين ، ومدارا كتابيا لكل كتاب ، وداع إلى كتاب.
(صُحُفاً مُطَهَّرَةً) : جمع الصحيفة ، وهي المبسوط من الشيء دون خفاء وخباء .. «مطهرة» * : هي خالصة الوحي ، دون شوب بوحي الأرض ، مطهرة عن التهافت والاختلاف والاختلاق ، وعن كل ريبة.
والقرآن هو الصحف المطهرة ، إذ إنه يحمل الوحي الصادق النازل على النبيين من قبل ، وفيه زيادات هي خاتمة الوحي ، أجل إنه الكتب كلها وزيادة ، كما محمد هو الرسل كلهم وزيادة.
إنه بينة ما في الصحف الأولى : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) (٢٠ : ١٣٣) بلى أتتهم في الوحي الأخير.
أو إن الصحف المطهرة هي صحائف القرآن ، حاملة كل منها كتبا : مكتوبات ، قيمة.