اتصلوا به ، بينة بإمكانها البين فيما بينهم ، وبإمكانهم التبين بها بعد ما لم يكونوا ليتبينوا :
(رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً ، فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) :
إن الرسول محمدا كان بيّنة من الله يحمل في دعوته آيات بينات : (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) وإنه صلّى الله عليه وآله وسلّم أقوى ما أتت الإنسان ـ عبر تاريخ الرسالات الإلهية ـ من البينات ، أقواها متنا وأبقاها زمنا بقرآنه المبين وتبيانه الحكيم.
فلقد كان قرآن محمد ومحمد القرآن معجزتين خالدتين عبر الزمن ، الضاربتين في أعماق التاريخ ، لا ترجعان إلى الوراء على تقدم العلم ، وإنما تزيدان نورا وظهورا وبهورا كلما تظاهر العلم وازدهر.
فكما كان القرآن بينة ما في الصحف الأولى وزيادة خالدة : «أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى» (٢٠ : ١٣٣) كذلك رسول القرآن كان بينة الرسل ، وعلى بينة القرآن : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) (١١ : ١٧).
فلم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين عن ضلالهم الذي عاشوه منذ زمن بعيد ، إلا بهذه الرسالة السامية الجديدة ، التي تحمل كافة معجزات الرسالات وتوجيهات الرسالات وزيادات خالدات تعيش مع الزمن وتشرق على قلوب وأفكار الإنسان ما أشرقت الشمس على هذه المعمورة.
لقد عاشت الخرافات أفكارهم ، وشربت مياه قلوبهم ، وتصدرت في صدورهم ، أن زعموا الباطل حقا والحق باطلا ، فهم أهل الكتاب ، وهم