كل ذلك إكراما لمن أهانه ابن عفان وإعلانا لمهانة عثمان جبرانا للمهان.
(وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى. أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) :
ما يدريك أيها الأعمى القلب ، لعل هذا الأعمى العين يتزكى أكثر مما تتزكى ، بما يستقرئه ويستعلمه النبي الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم أو ـ على الأقل ـ يتذكر بما يذكّره النبي فتنفعه ذكراه في أن يتزكى بها ، يتزكى معرفيا ثم عمليا ، فما يدريك أن يتحقق هذا الخير الكثير ، أن يتطهر هذا الرجل الضرير الفقير الذي جاء الرسول راغبا فيما عنده من الخير الغزير!
ما يدريك أن يشرق هذا القلب المنير بما هو أنور بقبس من نور الله ، فيزداد نورا على نور فيستحيل منارة في الأرض تستقبل نور السماء؟ .. أفهكذا تواجه المؤمن الفقير؟!
(أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى. فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى. وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) :
هنا تعلو نبرة الخطاب وتشتد لهجة العتاب أن كيف تقتسم هكذا قسمة ضيزى بين من استغنى ولا يزّكّى ومن جاءك يسعى وهو يخشى (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٩٦ : ٦ ـ ٧) فهؤلاء الطواغيت المستغنون المتأنفون المتعنتون الذين (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢ : ٦) الذين لا يتزكون وليسوا بصدد التحري عن الهدى .. فهؤلاء الحمقاء الطواغيت أنت لهم تتصدى! إن التصدي
أن يقابل الشيء مقابلة الصدى ، أي الصوت ، الراجع من الجبل. (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) : تتصوت له كالبوق وكأنه إله يعبد .. إنه يستغني عن شرعة الله ويطغى ، ثم أنت له ولتبجيله تتصوت وتتعربد .. ليس إلا لأنك من زمرتهم دون استحياء من النبي الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم.