هذا ـ ثم لا نعرف ـ ولا يعرف وحتى النبيين ـ عن زمن الساعة شيئا ، إلا عن علاماتها حينها بما أوحى الله : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) (١٦ : ٧٧).
(فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) :
أنت بعيد عن ذكرى الساعة كلّ البعد ، وهي خفيّة لحدّ يكاد الله يخفيها حتى عن نفسه المقدسة : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) (٢٠ : ١٥).
رغم أنه من المستحيل خفاء أمر عن الله ، ولذلك قال : (أَكادُ أُخْفِيها) لا «أخفيها» إخبارا بشدة خفائها عمن سواه إلى حيث يكاد يخفيها حتى عن نفسه المقدسة وليس بمخفيها عنها ، وإنها من اختصاصات الربوبية علمها وإقامتها : (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) (٤١ : ٤٧) (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (٤٣ : ٨٥).
وفي أحاديث عدة أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يسأل الله عن الساعة ، إذ كثرت أسئلة المشركين حول الساعة فنزلت الآية (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها)(١).
(إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) :
منتهاها علما وإقامة ، ومنتهى زمن الدنيا والبرزخ المتداخل معها ، وهو الساعة أيضا إذ تضمحل الكائنات ، لا منتهى زمن الآخرة إذ لا منتهى لها ،
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣١٤ ، أخرجه ابن مردوية عن علي بن أبي طالب عنه (ص) وابن أبي حاتم وابن مردوية عن ابن عباس والبزاز وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة ، وأخرجه عبد بن حميد والنسائي وابن جرير الطبراني وابن مردوية عن طارق بن شهاب عنه (ص).