هي أيضا ساعة ، فالرجفتان : رجفة الإماتة ورجفة الإحياء ، كلتا هما الساعة ، والأولى أولاها والثانية منتهاها ، و (يَوْمَ يَرَوْنَها) : الساعة ، توحي إلى الثانية لقوله (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) فهي إذا ساعة الإحياء. كما أن هنا آيات توحي إلى الأولى وإليهما أيضا.
فالساعة هنا هي زوال الزمان وضياعه بكائناته ، والانتقال إلى زمان لا زوال له ولا انتهاء ..
فما هو مرساها؟ إنه من الإرساء وهو مقابل الجريان : (قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) (١١ : ٤١) (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) (٣٤ : ١٣) (وَالْجِبالَ أَرْساها) ثبّتها ووتّدها في كبد الأرض.
فمرسى الساعة ثباتها أو زمن الثبات (١) ثباتها واقعيا ، أم ثبات الاختلال والزوال المعنيّ من الساعة ، أم وقفة الزمان لهذا الكون ، تبدلا إلى زمان دون وقفة وانتهاء.
(أَيَّانَ مُرْساها) :
أي زمان يكون إثباتها أم ثباتها؟ ..
كل ما نعرف عن الساعة ـ بما عرفنا الله ـ أنها قريب : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (٥٤ : ١) (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) (٤٢ : ١٧) ولا معنى لقربها ، إلا أن الكائنات تجاوزت عن النصف من عمرها حين نزول القرآن ـ إذ يعتبر انشقاق القمر من أشراط الساعة وآيات قربها ـ وإلا أن كل آت قريب.
__________________
(١) لكونها مصدرا ميميا أو اسم زمان لا اسم المكان إذ لا معنى لمكان رسو الساعة.