سببا اتفاقيا ، وأما إن (١) لم يصل إليها فيكون (٢) بالقياس إلى الغاية العرضية سببا اتفاقيا وبالقياس إلى الغاية الذاتية باطلا كقولهم شرب الدواء ليسهل فلم يسهل (٣) ، فكان شربه باطلا. والغاية العرضية بالقياس إليها تكون اتفاقيا. وقد يظن أنه قد يكون وتحدث أمور لا لغاية ، بل على سبيل العبث ، ولا يكون (٤) اتفاقا كالولوع (٥) باللحية وما أشبه ذلك ، وليس كذلك (٦). وسنبين (٧) في الفلسفة الأولى حقيقة الأمر فيها.
ثم الاتفاق أعم من البخت في لغتنا هذه ، فإن كل بخت اتفاق ، وليس كل اتفاق بختا. فكانهم لا يقولون بخت إلا لما يؤدى إلى شيء يعتد به ، ومبدؤه إرادة عن ذى اختيار من الناطقين البالغين. فإن قالوا لغير ذلك كما يقال للعود الذي يشق (٨) نصفه لمسجد ونصفه لكنيف ، إن نصفا منه سعيد ونصفا منه شقى ، فهو مجاز وأما ما بدؤه طبيعى فلا يقال إنه كائن بالبخت ، بل عسى أن يخص باسم الكائن من تلقاء نفسه إلا إذا قيس إلى مبدأ آخر إرادى ، فإن الأمور الاتفاقية تجرى على مصادمات تحصل بين شيئين أو أشياء ، وكل مصادمة (٩) فإما أن يكون فيها (١٠) كلا المتصادمين متحركين إلى أن يتصادما ، أو يكون أحدهما ساكنا والآخر متحركا إليه ، فإنه إذا سكن كلاهما على حال غير التصادم الذي كانا عليها لم ينتج (١١) ما بينهما تصادم. وإذا كان كذلك فجائز أن تتفق حركتان من مبدئين ، أحدهما طبيعى والآخر إرادى يتصادمان عند غاية واحدة تكون بالقياس إلى الإرادى خيرا يعتد به أو شرا (١٢) يعتد به ، فيكون حينئذ بختا له لا محالة (١٣) ، ولا يكون بالقياس إلى حركة (١٤) الطبيعى بختا.
وفرق بين رداءة البخت وسوء التدبير فإن سوء التدبير (١٥) هو اختيار سبب في أكثر (١٦) الأمور (١٧) يؤدى إلى غاية مذمومة ، ورداءة البخت هى (١٨) أن يكون السبب في أكثر الأمر غير مؤد (١٩) إلى غاية مذمومة ، ولكن يكون عند متولّيها السيّئ البخت يؤدى إليها (٢٠). والشيء الميمون هو الذي (٢١) تكرر حصول أسباب مسعدة بالبخت عند حصوله ، والشيء المشئوم هو الذي تكرر حصول أسباب مشقية بالبخت عند حصوله ، فيستشعر من حصول (٢٢) الأول عود ما اعتيد تكرره من
__________________
(١) وأما إن : وإن د ؛ وأما إذا سا ، ط ، م (٢) فيكون : فإنه يكون سا ، ط ، م.
(٣) فلم يسهل : ساقطة من م. (٤) ولا يكون : فلا يكن ا
(٥) كالولوع : لولوع د (٦) وليس كذلك : ساقطة من سا.
(٧) وسنبين : + ذلك سا. (٨) يشق : شق ط.
(٩) مصادمة : مصادفة م. (١٠) فيها : ساقطة من سا.
(١١) ينتج : يسنح ط. (١٢) أو شرا : وشراب ، د ، ط
(١٣) لا محالة : ساقطة من سا ، م
(١٤) حركة : الحركة ط. (١٥) فإن سوء التدبير : ساقطة من م
(١٦) أكثر : الأكثر د (١٧) الأمور : الأمر سا ، م.
(١٨) هى : هو سا ، م (١٩) مؤد : مؤدية ط.
(٢٠) إليها : إليه ط (٢١) الذي : + قد ط.
(٢٢) حصول (الثانية) : حضور سا ، م.