فواضح بين من هذا أن ما لا يتجزأ لا ينفصل وضعه منفردا (١) ، وكل (٢) ما لم يكن كذلك لم يتحرك الحركات التي بذاتها فى المكان ، وكذلك حال الحركات الجسمانية (٣) الأخرى ، ويلزم أن يكون كل متغير تغيرات الاستحالة الجسمانية والنمو منقسما. أما النمو فذلك ظاهر فيه ، لأنه ازدياد على أصل موجود ، وأما (٤) الاستحالة فلأن تأثير المحيل فى الجهة التي تلقاها (٥) المستحيل أقدم من تأثيره فى الجهة التي لا تلقاه (٦) ، فإن كان مشتملا عليه (٧) فتأثيره فيما يلى ظاهره أقدم من تأثيره فيما يلى غوره ، إذ كان كل متغير منقسما ، وإنما الكون والفساد هو الذي يكون غير منقسم.
وأما الذي يظن فى بعض الاستحالات أنها تكون دفعة فذلك لفوات الأمر الحسى (٨) لقصر زمانه. وأما الإضاءة (٩) دفعة فليس ذلك استحالة أولية فى الأجسام ، بل أمرا يلحق السطوح بأن يظهر (١٠). وأما الإشفاف من الهواء فسنبين أن الهواء ليس يعرض له فى الإشفاف شيء البتة بل العارض إنما هو فى المرئى ، وإذا (١١) صار المرئى بحيث تجوز رؤيته بإشراق الضوء عليه ، أمكن الهواء أداة إلى الجسم ، فسمى مشفا ، ولهذا ما إذا كان الإنسان فى كهف بعيد مظلم وكان بينه وبين المرئى هواء مظلم جدا وكان المرئى نيرا (١٢) أشرق عليه الضوء ، لم تمنع ظلمة الهواء إدراكه (١٣).
__________________
(١) منفردا : مفردا م
(٢) وكل : فكل م.
(٣) الجسمانية : الجسمانية م.
(٤) وأما : فأما ط.
(٥) تلقاها : تلقاه ب ، د ، م ، + من م
(٦) لا تلقاه : لا يلقاها ط
(٧) عليه : ساقطة من ب ، د ، م.
(٨) الحسى : الحس ب ، د ، م
(٩) الإضاءة : الإضافة م.
(١٠) يظهر : + يضئ ط.
(١١) وإذا : فإذا ط ، م.
(١٢) نيرا : منيرا ط.
(١٣) فواضح .... إدركة : ساقطة من سا.