(وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) : حيث اغتررتم بي وأطعتموني إذ دعوتكم ، ولم تطيعوا ربّكم لمّا دعاكم.
وفي نهج البلاغة (١) : قال ـ عليه السّلام ـ : دعاهم ربّهم فنفروا (٢) وولّوا ، ودعاهم الشّيطان فاستجابوا وأقبلوا.
(ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ) : بمغيثكم من العذاب.
(وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) : بمغيثيّ.
وقرأ (٣) حمزة ، بكسر الياء.
قيل (٤) : إمّا على الأصل في التقاء السّاكنين ، وهو أصل مرفوض في مثله ، لما فيه.
من اجتماع ياءين وثلاث كسرات مع أنّ حركة ياء الإضافة الفتح ، فإذا لم تكسر وقبلها ألف فبالحريّ أن لا تكسر وقبلها ياء (٥). أو على لغة من يزيد ياء على ياء الإضافة ، إجراء لها مجرى الهاء والكاف (٦) في «ضربته ، وأعطيتكه» وحذف الياء اكتفاء بالكسرة.
(إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ).
قيل (٧) : «ما» إمّا مصدريّة و «من» متعلّقة «بأشركتموني» ، أي : أنّي كفرت اليوم بإشراككم إيّاي (٨) من قبل هذا اليوم ، أي : في الدّنيا ، بمعنى : تبرّأت منه واستنكرته ، كقوله : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ).
أو موصولة ، بمعنى : من نحو ما في قولهم : سبحانه ما سخركنّ لنا ، و «من» متعلّقة «بكفرت» ، أي : كفرت بالّذي أشركتمونيه ، وهو الله ـ تعالى ـ بطاعتكم إيّاي فيما دعوتكم إليه من عبادة الأصنام وغيرها «من قبل» إشراككم حين رددت أمره بالسّجود لآدم.
__________________
(١) نهج البلاغة / ٢٠٢ الخطبة ١٤٤.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : فتفرّقوا.
(٣ و ٤) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٩.
(٥) أي : إذا لم تكسر ياء الإضافة وقبلها ألف في مثل : غلاماي ، فبطريق الأولى أن لا تكسر وقبلها ياء لزيادة الثقل.
(٦) فكما أنّه يزاد الواو والياء بعد الهاء والكاف تمّ حذف الياء واكتفي بالكسر ، كذلك حذف الهاء هاهنا واكتفي بالكسر.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٩.
(٨) إشراكهم الشّيطان باعتبار أنّ عبادة الأصنام في الحقيقة عبادة الشيطان لأنّه أوقعهم في عبادتها.