ـ عزّ وجلّ ـ ولده.
وأمّا الحارث بن الطّلاطلة (١) ، فإنّه خرج من بيته في السّموم ، فتحوّل حبشيّا ، فرجع إلى أهله فقال : أنا الحارث. فغضبوا عليه فقتلوه ، وهو يقول : قتلني ربّ محمّد.
وروي (٢) : أنّ أسود بن الحارث أكل حوتا مالحا ، فأصابه غلبة العطش ، فلم يزل يشرب الماء حتّى انشقّ بطنه فمات. وهو يقول : قتلني ربّ محمّد.
كلّ ذلك في ساعة واحدة. وذلك أنّهم كانوا بين يدي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فقالوا له : يا محمّد ، ننتظر بك إلى الظّهر ، فإن رجعت عن قولك وإلّا قتلناك.
فدخل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ منزله ، فأغلق عليه بابه مغتمّا لقولهم.
فأتاه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ عن الله من ساعته ، فقال : يا محمّد ، السّلام يقرأ عليك السّلام وهو يقول : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٣) ، يعني : اظهر أمرك لأهل مكّة وادعهم إلى الإيمان.
قال : يا جبرئيل ، كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟
قال له : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ).
قال : يا جبرئيل ، كانوا السّاعة بين يدي.
قال : قد كفيتهم (٤).
فأظهر أمره عند ذلك. وأمّا بقيّتهم من (٥) الفراعنة فقتلوا يوم بدر بالسّيف ، وهزم الله الجمع (٦) وولّوا الدّبر.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب الخصال (٧) : عن أبان الأحمر رفعه قال المستهزءون بالنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ خمسة : الوليد بن المغيرة المخزوميّ ، والعاص بن وائل السّهميّ ، والأسود بن عبد يغوث الزّهريّ ، والأسود بن المطّلب ، والحارث بن عطيّة (٨) الثّقفيّ.
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (٩٧) : من الشّرك ، والطّعن في القرآن ، وما يذكر في وصيّك ، والاستهزاء بك.
__________________
(١) المصدر : الحارث بن أبي الطلالة.
(٢) الاحتجاج ١ / ٣٢٢.
(٣) الحجر / ٩٤.
(٤) أ ، ب ، ر : نفيتهم.
(٥) المصدر : «بقيّة» بدل «بقيتهم من».
(٦) المصدر : الجميع.
(٧) الخصال ١ / ٢٧٨ ، ح ٢٤.
(٨) المصدر : «الطلاطلة» بدل «عطيّة».