وفي تفسير العيّاشي (١) : عن حفص بن سالم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ قوما في بني إسرائيل يؤتي لهم من طعامهم ، حتّى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها. فلم يزل الله. بهم ، حتّى اضطرّوا إلى التّماثيل يبيعونها ويأكلونها (٢). وهو قول الله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).
عن زيد الشّحّام (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان أبي يكره أن يمسح يده بالمنديل وفيه شيء من الطّعام ، تعظيما له ، إلّا أن يمصّها أو يكون إلى جانبه صبيّ فيمصّها.
قال : فإنّي أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده (٤) ، فيضحك الخادم.
ثمّ قال : إن أهل قرية ممّن كان قبلكم ، كان الله قد وسّع (٥) عليهم حتّى طغوا.
فقال بعضهم لبعض : لو عمدنا إلى شيء من هذا النّقي ، فجعلناه نستنجئ به كان ألين علينا من الحجارة.
قال : فلمّا فعلوا ذلك ، بعث الله على أرضهم دوابّا أصغر من الجراد فلم تدع لهم شيئا خلقه الله إلّا أكلته من شجر أو غيره (٦). فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الّذي كانوا يستنجون به ، فأكلوه. وهي القرية الّتي قال الله ـ تعالى ـ : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ ـ إلى قوله ـ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ) ، يعني : محمّداً ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
والضّمير لأهل مكّة.
قيل (٧) : عاد إلى ذكرهم بعد ما ذكر مثلهم.
(فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ) (١١٣) ، أي : حال التباسهم بالظّلم والعذاب ما أصابهم من الجدب الشّديد. أو وقعة بدر.
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً) : أمرهم بأكل الحلال ، وهو ما أحلّ الله
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ٢٧٣ ، ح ٧٨.
(٢) المصدر : يتبعونها ويأكلون منها.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢٧٣ ، ح ٧٩.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : فيتفقده.
(٥) المصدر : أوسع.
(٦) المصدر : فلم يدع لهم شيئا خلقه الله يقدر عليه أكله من شجر الخ.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٧٢.