قال : ظاهر وباطن الجدي وعليه تبنى القبلة وبه يهتدي أهل البرّ والبحر لأنه] (١) لا يزول. يعني معناه : الظاهر الجدي ، والباطن رسول الله.
(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) : إنكار بعد إقامة الدلائل المتكاثرة على كمال قدرته ، وتناهي حكمته ، والتفرّد بخلق ما عدّد من مبدعاته (٢) لأنّ يساويه ويستحقّ مشاركته ما لا يقدر على خلق شيء من ذلك ، بل على إيجاد شيء ما. وكان حقّ الكلام : أفمن لا يخلق ، كمن يخلق. لكنّه عكس تنبيها على أنّهم بالإشراك بالله ـ سبحانه وتعالى ـ جعلوه من جنس المخلوقات ، فحصل التّشابه ، وجاز جعل كلّ منهما مشبّها بها.
والمراد بمن «لا يخلق» : كلّ ما عبد من دون الله ، مغلّبا فيه أولو العلم منهم. أو الأصنام ، وأجروها مجرى أولي العلم ، لأنّهم سمّوها آلهة ومن حقّ الإله أن يعلم. أو للمشاكلة بينه وبين من يخلق. أو للمبالغة ، وكأنّه قيل : إنّ من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم ، فكيف بما لا علم عنده.
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١٧) : فتعرفوا فساد ذلك. فإنّه لجلائه ، (٣) ، كالحاصل للعقل الّذي يحضر عنده بأدنى تذكّر والتفات.
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) : لا تضبطوا عددها ، فضلا أن تطيقوا القيام بشكرها. أتبع ذلك تعداد النّعم وإلزام الحجّة على تفرّده باستحقاق العبادة ، تنبيها على أنّ وراء ما عدّد نعما لا تنحصر ، وأنّ حقّ عبادته غير مقدور.
(إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ) : حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكرها.
(رَحِيمٌ) (١٨) : لا يقطعها لتفريطكم فيه ، ولا يعاجلكم فيه بالعقوبة على كفرانها.
(وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) (١٩) : من عقائدكم وأعمالكم. وهو وعيد وتزييف للشّرك باعتبار العلم.
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، أي : والآلهة الّذين تعبدونهم من دونه.
وقرأ (٤) أبو بكر : «يدعون» بالياء.
وقرأ (٥) حفص ثلاثتها ، بالياء.
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) ب : مبتدعاته.
(٣) أ ، ب : بجلاله.
(٤ و ٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٢.