وروي (١) من طريق العامّة : أنّهما الأفجران من قريش ، بنو المغيرة وبنو أميّة. فأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر ، وأمّا بنو أميّة فمتّعوا حتّى حين.
فما ورد في أخبارنا موافقا لذلك محمول على وروده على موافقتهم ، مع أنّه بيان ، فإنّ بين إرادة جميع قريش وتخصيص الأفجرين في بعض الأخبار لاختصاصهم بالتّفضيل.
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) : الّذي هو التّوحيد.
وقرأ (٢) ابن كثير وأبو عمرو ورويس ، عن يعقوب ، بفتح الياء.
وليس الضّلال ولا الإضلال غرضهم في اتّخاذ الأنداد ، لكن لمّا كان نتيجته جعل ذلك كالغرض.
(قُلْ تَمَتَّعُوا) : بشهواتكم. أو بعبادة الأوثان ، فإنّها من قبيل الشّهوات الّتي يتمتّع بها.
وفي التّهديد بصيغة الأمر إيذان بأنّ المهدّد عليه كالمطلوب لإفضائه إلى المهدّد به ، وأنّ الأمرين كائنان لا محالة ، ولذلك علّله بقوله : (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) (٣٠) : وأنّ المخاطب لانهماكه فيه كالمأمور به من آمر مطاع.
(قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) : خصّهم بالإضافة تنويها لهم ، وتنبيها على أنّهم المقيمون لحقوق العبوديّة.
ومفعول «قل» محذوف يدلّ عليه جوابه ، أي : قل لعبادي الّذين آمنوا أقيموا الصّلاة وأنفقوا (يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) ، فيكون إيذانا بأنّهم لفرط مطاوعتهم الرّسول بحيث لا ينفكّ فعلهم عن أمره ، وأنّه كالسّبب الموجب له.
ويجوز أن يقدّر بلام الأمر ، ليصحّ تعلّق القول بهما (٣). وإنّما حسن ذلك هاهنا ولم يحسن في قوله :
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٣١.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٣١.
(٣) المراد من «تعلّق القول بهما» أن يكونا مقول القول ، فيكونا مثل قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ) بقراءة الياء على الغيبة فيكون المعنى على أن يحكي أمر الله لهم بإقامة الصّلاة.
وعبارة الكشّاف : وجوّزوا أن يكون (يُقِيمُوا) ...
(وَيُنْفِقُوا) بمعنى : ليقيموا ... فيكون هذا هو المقول. وإنّما جاز حذف اللّام لأنّ الأمر الذي هو «قل» عوض عنه.