السّلام ـ خطب بها يوم الغدير ، وفيها يقوم ـ عليه السّلام ـ : وتقرّبوا إلى الله بتوحيده وطاعته من أمركم أن تطيعوه ، ولا تمسكوا بعصم الكوافر ، ولا يخلج بكم البغي فتضلّوا عن سبيل الرّشاد باتّباع أولئك الّذين ضلّوا وأضلّوا ، قال الله ـ عزّ من قائل ـ في طائفة ذكرهم بالذّمّ في كتابه : (إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا).
... إلى قوله ـ عليه السّلام ـ : وقال ـ تعالى ـ : (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا) (١) (مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ) (٢) أفتدرون الاستكبار ما هو؟ هو ترك الطّاعة لمن أمروا بطاعته ، والتّرفع على من ندبوا إلى متابعته ، والقرآن ينطق من هذا عن كثير ، إن تدبّره متدبّر زجره ووعظه.
(إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) : في تكذيب الرّسل والإعراض عن نصائحهم.
وهو جمع تابع ، كغائب وغيب. أو مصدر نعت به للمبالغة ، أو على إضمار المضاف.
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا) : دافعون عنّا.
(مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ).
«من» الأولى للبيان ، واقعة موقع الحال. والثّانية للتّبعيض ، واقعة موقع المفعول ، أي : بعض الشّيء الّذي هو عذاب الله ـ تعالى ـ.
ويجوز أن يكونا للتّبعيض ، أي : بعض شيء هو بعض عذاب الله ـ تعالى ـ.
والإعراب ما سبق (٣).
ويحتمل أن تكون الأولى مفعولا. والثّانية مصدرا ، أي : فهل أنتم مغنون بعض العذاب بعض الإغناء.
(قالُوا) ، أي : الّذين استكبروا ، جوابا عن معاتبة الأتباع والاعتذار عمّا فعلوا بهم.
(لَوْ هَدانَا اللهُ) : للإيمان ووفّقنا له (لَهَدَيْناكُمْ) ، ولكن ضللنا فأضللناكم ، أي : اخترنا لكم ما اخترناه لأنفسنا. أو لو هدانا الله طريق النّجاة من العذاب لهديناكم
__________________
(١) المؤمن / ٤٧.
(٢) إبراهيم / ٢١.
(٣) بأن يكون «من عذاب» حالا ، و «من شيء» مفعولا.