فقلت : من هذا ، يا جبرئيل ، فإنّي قد فزعت منه (١)؟
فقال : يجوز أن تفزع منه فكلّنا نفزع منه. إنّ هذا مالك خازن النّار. لم يضحك قطّ ، ولم يزل منذ ولّاه الله جهنّم يزداد كلّ يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته فينتقم الله به منهم. ولو ضحك إلى أحد كان (٢) قبلك ، أو كان ضاحكا إلى أحد (٣) بعدك ، لضحك إليك ، ولكنّه لا يضحك.
فسلّمت عليه فردّ السّلام عليّ ، وبشّرني بالجنّة. فقلت لجبرئيل ـ وجبرئيل بالمكان الّذي وصفه الله (٤) : (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) ـ : ألا تأمره أن يريني النّار؟
فقال له جبرئيل (٥) : يا مالك ، أر محمّداً النّار.
فكشف عنها غطاءها (٦) ، وفتح بابا منها. فخرج منها لهب ساطع في السّماء ، وفارت وارتفعت (٧) حتّى ظننت لتناولني (٨) ممّا رأيت. فقلت : يا جبرئيل ، قل له فيردّ (٩) عليها غطاءها.
فأمرها ، فقال لها : ارجعي. فرجعت إلى مكانها الّذي خرجت منه.
ثمّ مضيت فرأيت رجلا آدما جسيما ، فقلت : من هذا ، يا جبرئيل؟
فقال : هذا أبوك ، آدم. فإذا هو تعرض عليه ذرّيّته فيقول : روح طيّب وريح طيّبة من جسد طيّب.
ثمّ تلا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ سورة المطفّفين على رأس سبع عشرة آية (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ، وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ ، كِتابٌ مَرْقُومٌ ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) إلى آخرها.
قال : فسلّمت على أبي ، آدم وسلّم عليّ واستغفرت له واستغفر لي ، فقال لي : مرحبا بالابن الصّالح والنّبيّ الصّالح والمبعوث في الزّمن الصّالح.
__________________
(١ و ٢) ليس في المصدر.
(٣) المصدر : ضاحكا لأحد.
(٤) التكوير / ٢١.
(٥) ليس في ب.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : غطاء.
(٧) المصدر : فارتعدت.
(٨) المصدر : ليتناولني.
(٩) المصدر : فليردّ.