مقام الإثبات ـ ويأتي الكلام فيه في محله إن شاء الله تعالى ـ فيكون تبعا لذلك موضوعا للإطاعة ظاهرا ، فيجب عقلا وجوبا طريقيا في طول وجوب الإطاعة الواقعية ، وإن كان مستحبا واقعا. فكأن ما ذكره مبتن على اختلاط مقام الثبوت بمقام الإثبات ، ومقام الواقع بمقام الظاهر.
وأما على الثاني فتوجيه الفرق بين الحكمين غير عسير ، لأنه إذا أمكن إرادة الشيء من بعض الجهات دون بعض بنحو يقتصر على المقدمات الحافظة لوجوده من تلك الجهات ، فكما يمكن الاقتصار على الطلب الإلزامي الذي يجب عقلا إطاعته ، يمكن الاقتصار على الطلب غير الإلزامي الذي يحسن عقلا إطاعته ، ولذا كان ظاهره انتزاع الوجوب من مقام إظهار الإرادة مع عدم الترخيص في الترك ، والاستحباب من مقام إظهارها مع الترخيص فيه.
نعم ، لا يبعد كون إلزامية الإرادة والطلب وعدمها راجعة إلى خصوصية في الإرادة والطلب ، مستكشفة بالترخيص وعدمه لا متقوّمة بهما ، وأن الترخيص لازم لعدم إلزاميتهما ، وعدمه لازم لإلزاميتهما ، مع تقوّم كلّ من الحكمين الإلزامي وعدمه بنفس الإرادة والطلب بإحدى خصوصيتيهما ، من دون دخل للترخيص وعدمه فيه ، وذلك لما أشار إليه بعض المحققين (قدس سره) ، من أنه قد لا يخطر أحد الأمرين ـ من الترخيص وعدمه ـ على بال الحاكم عند جعل أحد الحكمين والخطاب به. وربما يرجع ما ذكره سيدنا الأعظم (قدس سره) إلى ذلك. والأمر سهل.
وأما على الثالث فقد ذكر المحقق المذكور أن الفرق بينهما ينحصر في تأكد البعث وعدمه ، فالوجوب هو الإنشاء بداعي البعث الأكيد ،