ومنه يظهر أن توصيفها بالتكليفية يبتني على التغليب ، لأن التكليف مأخوذ من الكلفة الموقوفة على الإلزام ، الذي يتضمّنه الوجوب والتحريم ، دون غيرهما.
وما ذكرناه ليس موردا للإشكال ، وإنما وقع الكلام في بعض ما يتعلّق بذلك.
وينبغي الكلام فيه في ضمن أمور ..
الأمر الأول : تكرر في كلامهم انتزاع الوجوب والاستحباب ، أو تسببهما عن تعلق إرادة المولى بالفعل ، كما أن التحريم والكراهة منتزعان أو مسببان عن تعلق كراهته به.
وقد استشكل على ذلك بما يرجع إلى أن القادر على تحقيق مراده ودفع ما يكرهه ـ سواء كان واجب القدرة ك (الله تعالى) ، أم ممكن القدرة كالإنسان في بعض الأوقات ـ حيث لا يتخلف وجود مراده عن إرادته ، ولا دفع ما يكرهه عن كراهته ، لزم عدم عصيان أوامره ونواهيه ، مع تحقق العصيان بالوجدان من العبيد لله تعالى الواجب القدرة ولغيره من الموالي العرفيين الذين قد يكونون قادرين على تحقيق مرادهم ، وذلك كاشف عن عدم توقف التكاليف على الإرادة والكراهة ، وأن منشأ التكليف أمر آخر ، وإلا لزم كشف العصيان عن كون التكليف صوريا ، لخلوه عن الإرادة فلا تكون مخالفته عصيانا.
وربما كان هذا أحد الوجوه الموجبة لدعوى مغايرة الطلب للإرادة ، وأن منشأ التكليف هو الطلب ـ كما عن الأشاعرة ـ وأنّه هو ما ادعوه من