لما كان المقصود من ذكر وهن المنافقين في القتال تشديد نفس النبي صلىاللهعليهوسلم وأنفس المؤمنين حتى لا يرهبوهم ولا يخشوا مساندتهم لأهل حرب المسلمين أحلاف المنافقين قريظة وخيبر أعقب ذلك بإعلام المؤمنين بأن المنافقين وأحلافهم يخشون المسلمين خشية شديدة وصف شدتها بأنها أشد من خشيتهم الله تعالى ، فإن خشية جميع الخلق من الله أعظم خشية فإذا بلغت الخشية في قلب أحد أن تكون أعظم من خشية الله فذلك منتهى الخشية.
والمقصود تشديد نفوس المسلمين ليعلموا أن عدوّهم مرهب منهم ، وذلك مما يزيد المسلمين إقداما في محاربتهم إذ ليس سياق الكلام للتسجيل على المنافقين واليهود قلة رهبتهم لله بل إعلام المسلمين بأنهم أرهب لهم من كل أعظم الرهبات.
والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ومن معه من المسلمين.
والصدور مراد بها : النفوس والضمائر لأن محل أجهزتها في الصدور.
والرّهبة : مصدر رهب ، أي خاف.
وقوله : (فِي صُدُورِهِمْ) ل (رَهْبَةً) فهي رهبة أولئك.
وضمير (صُدُورِهِمْ) عائد إلى (الَّذِينَ نافَقُوا) [الحشر : ١١] و (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) [الحشر : ١١] إذ ليس اسم أحد الفريقين أولى بعود الضمير إليه مع صلاحية الضمير لكليهما ، ولأن المقصودين بالقتال هم يهود قريظة وخيبر وأما المنافقون فكانوا أعوانا لهم.
وإسناد (أَشَدُّ) إلى ضمير المسلمين المخاطبين إسناد سببيّ كأنه قيل : لرهبتكم في
صدورهم أشد من رهبة فيها. فالرهبة في معنى المصدر المضاف إلى مفعوله ، وكل مصدر لفعل متعدّ يحتمل أن يضاف إلى فاعله أو إلى مفعوله ، ولذلك فسره الزمخشري بأشد مرهوبية.
و (مِنَ اللهِ) هو المفضل عليه ، وهو على حذف مضاف ، أي من رهبة الله ، أي من رهبتهم الله كما قال النابغة :
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي |
|
على وعل في ذي المطارة عاقل |
أي على مخافة وعل.
وهذا تركيب غريب النسج بديعه. والمألوف في أداء مثل هذا المعنى أن يقال :