أشياء على مقدار معين مناسب لما جعل لأجله كقوله تعالى : (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) في سورة سبأ [١١].
[٤ ، ٥] (وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥))
(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ).
عطف على قوله : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) [الطلاق : ١] فإن العدة هنالك أريد بها الأقراء فأشعر ذلك أن تلك المعتدة ممن لها أقراء ، فبقي بيان اعتداد المرأة التي تجاوزت سن المحيض أو التي لم تبلغ سن من تحيض وهي الصغيرة. وكلتاهما يصدق عليها أنها آيسة من المحيض ، أي في ذلك الوقت.
والوقف على قوله : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) ، أي هن معطوفات على الآيسين.
واليأس : عدم الأمل. والمأيوس منه في الآية يعلم من السياق من قوله : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) [الطلاق : ١] ، أي يئسن من المحيض سواء كان اليأس منه بعد تعدده أو كان بعدم ظهوره ، أي لم يكن انقطاعه لمرض أو إرضاع. وهذا السنّ يختلف تحديده باختلاف الذوات والأقطار كما يختلف سن ابتداء الحيض كذلك. وقد اختلف في تحديد هذا السنّ بعدد السنين فقيل : ستون سنة ، وقيل : خمس وخمسون ، وترك الضبط بالسنين أولى وإنما هذا تقريب لإبّان اليأس.
والمقصود من الآية بيّن وهي مخصصة لعموم قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) من سورة البقرة [٢٢٨]. وقد نزلت سورة الطلاق بعد سورة البقرة.
وقد خفي مفاد الشرط من قوله : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) وما هو متصل به. وجمهور أهل التفسير جعلوا هذا الشرط متصلا بالكلام الذي وقع هو في أثنائه ، وإنه ليس متصلا بقوله : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) [الطلاق : ١] في أول هذه السورة خلافا لشذوذ تأويل بعيد وتشتيت لشمل الكلام ، ثم خفي المراد من هذا الشرط بقوله : (إِنِ ارْتَبْتُمْ).
وللعلماء فيه طريقتان :
الطريقة الأولى : مشى أصحابها إلى أن مرجع اليأس غير مرجع الارتياب باختلاف