لكن عمه (أي عم عتبة وهو عبد الله بن مسعود) كان لا يقول ذلك (أي لم يحدثنا به) فقلت : إني إذن لجريء إن كذبت على رجل في جانب الكوفة (وكان عبد الله بن عتبة ساكنا بظاهر الكوفة) فخرجت فلقيت عامرا أو مالك بن عوف فقلت : كيف كان قول ابن مسعود في المتوفّى عنها زوجها وهي حامل ، فقال : قال ابن مسعود : أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى (أي البقرة).
وفي «البخاري» عن أبي سلمة جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده فقال : أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة فقال ابن عباس : آخر الأجلين : فقلت أنا (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ). قال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي (أي مع أبي سلمة) فأرسل ابن عباس كريبا إلى أمّ سلمة يسألها فقالت : قتل (كذا والتحقيق أنه مات في حجة الوداع) زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت فأنكحها رسول الله. وقد قال بعضهم : إن ابن عباس رجع عن قوله. ولم يذكر رجوعه في حديث أبي سلمة.
(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً)
تكرير للموعظة وهو اعتراض. والقول فيه كالقول في قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق : ٢ ، ٣]. والمقصود موعظة الرجال والنساء على الأخذ بما في هذه الأحكام مما عسى أن يكون فيه مشقة على أحد بأن على كل أن يصبر لذلك امتثالا لأمر الله فإن الممتثل وهو مسمى المتقي يجعل الله له يسرا فيما لحقه من عسر.
والأمر : الشأن والحال. والمقصود : يجعل له من أمره العسير في نظره يسرا بقرينة جعل اليسر لأمره.
و (مِنْ) للابتداء المجازي المراد به المقارنة والملابسة.
واليسر : انتفاء الصعوبة ، أي انتفاء المشاقّ والمكروهات.
والمقصود من هذا تحقيق الوعد باليسر فيما شأنه العسر لحث الأزواج على امتثال ما أمر الله به الزوج من الإنفاق في مدة العدة ومن المراجعة وترك منزله لأجل سكناها إذا كان لا يسعهما وما أمر به المرأة من تربص أمد العدة وعدم الخروج ونحو ذلك.