عليه إعادة الشهرين. وقال الشافعي : إذا كان الوطء ليلا لم يبطل التتابع لأن الليل ليس محلا للصوم ، وهذا هو الجاري على القياس وعلى مقتضى حديث سلمة بن صخر.
وأما كون آثما بالمسيس قبل تمام الكفارة فمسألة أخرى ، فمن العجب قول أبي بكر ابن العربي في كلام الشافعي أنه كلام من لم يذق طعم الفقه لأن الوطء الواقع في خلال الصوم ليس بالمحل المأذون فيه بالكفارة فإنه وطء تعدّ فلا بدّ من الامتثال للأمر بصوم لا يكون في أثنائه وطء اه.
والمسكين : الشديد الفقر ، وتقدّم في سورة براءة.
والمظاهر إن كان قادرا على بعض خصال الكفارة وأبى أن يكفّر انقلب ظهاره إيلاء. فإن لم ترض المرأة بالبقاء على ذلك فله أجل الإيلاء فإن انقضى الأجل طلقت عليه امرأته إن طلبت الطلاق. وإن كان عاجزا عن خصال الكفارة كلها كان كالعاجز عن الوطء بعد وقوعه منه فتبقى العصمة بين المتظاهر وامرأته ولا يقربها حتى يكفر.
وقد أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بكفارة سلمة بن صخر من أموال بيت المال فحقّ على ولاة الأمور أن يدفعوا عن العاجز كفارة ظهاره فإن تعذر ذلك فالظاهر أن الكفارة ساقطة عنه ، وأنه يعود إلى مسيس امرأته ، وتبقى الكفارة ذنبا عليه في ذمته لأن الله أبطل طلاق الظهار.
(ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ)
الإشارة إلى ما ذكر من الأحكام ، أي ذلك المذكور لتؤمنوا بالله ورسوله ، أي لتؤمنوا إيمانا كاملا بالامتثال لما أمركم الله ورسوله فلا تشوبوا أعمال الإيمان بأعمال أهل الجاهلية ، وهذا زيادة في تشنيع الظهار ، وتحذير للمسلمين من إيقاعه فيما بعد ، أو ذلك النقل من حرج الفراق بسبب قول الظهار إلى الرخصة في عدم الاعتداد به وفي الخلاص منه بالكفارة ، لتيسير الإيمان عليكم فهذا في معنى قوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج : ٧٨].
و (لِتُؤْمِنُوا) خبر عن اسم الإشارة ، واللام للتعليل. ولما كان المشار إليه وهو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينا عوضا عن تحرير رقبة كان من علّل به تحرير رقبة منسحبا على الصيام والإطعام ، وما علّل به الصيام والإطعام منسحبا على تحرير رقبة ، فأفاد أن كلّا من تحرير رقبة وصيام شهرين وإطعام ستين مسكينا مشتمل على كلتا العلّتين وهما : الموعظة والإيمان بالله ورسوله.