الثمانية إلى عبد الله الكفيف المالقي النحوي الغرناطي من علماء غرناطة في مدة الأمير ابن حبوس (بموحدة بعد الحاء المهملة) هو باديس بن حبوس صاحب غرناطة سنة ٤٢٠.
وذكر السهيلي في «الروض الأنف» عند الكلام على نزول سورة الكهف أنه أفرد الكلام على الواو التي يسميها بعض الناس واو الثمانية بابا طويلا ولم يبد رأيه في إثباتها ولم أقف على الموضع الذي أفرد فيه الكلام عليها. ويظهر أنه غير موافق على إثبات هذا الاستعمال لها. ومن عجيب الصدف ما اتفق في هذه الآيات الأربع من مثير شبهة للذين أثبتوا هذا المعنى في معاني الواو. ومن غريب الفطنة تنبه الذي أنبأ بهذا.
وذكر ابن المنير في «الانتصاف» أن شيخه ابن الحاجب ذكر له أن القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني الكاتب كان يعتقد أن الواو في قوله تعالى : (وَأَبْكاراً) هي الواو التي سماها بعض ضعفة النحاة واو الثمانية. وكان الفاضل يتبجح باستخراجها زائدة على المواضع الثلاثة المشهورة إلى أن ذكره يوما بحضيرة أبي الجود النحوي المقري ، فبين لهم أنه وأهم في عدها من ذلك القبيل وأحال البيان على المعنى الذي ذكره الزمخشري في دعاء اللزوم إلى الإتيان بالواو هنا لامتناع اجتماع هذين الصنفين في موصوف واحد. فأنصفه الفاضل وقال: أرشدتنا يا أبا الجود.
قلت : وأرى أن القاضي الفاضل تعجل التسليم لأبي الجود إذ كان له أن يقول : إنا لم نلتزم أن يكون المعدود الثامن مستقلا أو قسيما لغيره وإنما تتبعنا ما فيه إشعار بعدد ثمانية.
ونقل الطيبي والقزويني في «حاشيتي الكشاف» أنه روى عن صاحب «الكشاف» أنه قال : الواو تدخل في الثامن كقوله تعالى : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢] ، وقوله : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣] ويسمونه واو الثمانية وهي كذلك ، وليس بشيء. قال الراوي عنه وقد قال لنا عند قراءة هذا الموضع : أنسيتم واو الثمانية عند جوابي هذا (أي يلومهم على إهمالهم ذلك المعنى في تلك الآية) أي هو جواب حسن وذلك خطأ محض لا يجوز أن يؤخذ به اه.
قلت : وهذا يخالف صريح كلامه في «الكشاف» فلعل الراوي لم يحسن تحرير مراد صاحب «الكشاف» ، أو لعل صاحب «الكشاف» لم ير منافاة بين لزوم ذكر الواوين اقتضاء المقام ذكرها بأن المعطوف بها ثامن في الذكر فإن النكت لا تتزاحم فتأمل بتدقيق.