الأذانات ثلاثة فكان وهما. ثم جمعوهم في وقت واحد فكان وهما على وهم اه. فتوهم كثير من أهل الأمصار أن الأذان لصلاة الجمعة ثلاث مرات لهذا تراهم يؤذنون في جوامع تونس ثلاثة أذانات وهو بدعة.
قال ابن العربي في «العارضة» : فأما بالمغرب (أي بلاد المغرب) فيؤذن ثلاثة من المؤذنين لجهل المفتين قال في «الرسالة» : «وهذا الأذان الثاني أحدثه بنو أمية» فوصفه بالثاني وهو التحقيق ، ولكنه نسبه إلى بني أمية لعدم ثبوت أن الذي زاده عثمان ، ورواه البخاري وأهل السنن عن السائب بن يزيد ولم يروه مسلم ولا مالك في «الموطأ».
والسبب في نسبته إلى بني أمية : أن علي بن أبي طالب لما كان بالكوفة لم يؤذّن للجمعة إلا أذانا واحدا كما كان في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم وألغى الأذان الذي جعله عثمان بالمدينة. فلعل الذي أرجع الأذان الثاني بعض خلفاء بني أمية قال مالك في «المجموعة» : إن هشام بن عبد الملك أحدث أذانا ثانيا بين يديه في المسجد.
واعلم أن النداء الذي نيط به الأمر بالسعي في هذه الآية هو النداء الأول ، وما كان النداء الثاني إلا تبليغا للأذان لمن كان بعيدا فيجب على من سمعه السعي إلى الجمعة للعلم بأنه قد نودي للجمعة.
والسعي : أصله الاشتداد في المشي. وأطلق هنا على المشي بحرص وتوقي التأخر مجازا.
و (ذِكْرِ اللهِ) فسر بالصلاة وفسر بالخطبة ، بهذا فسره سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير. قال أبو بكر بن العربي «والصحيح أنه الجميع أوله الخطبة».
قلت : وإيثار (ذِكْرِ اللهِ) هنا دون أن يقول : إلى الصلاة ، كما قال : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ) لتتأتى إرادة الأمرين الخطبة والصلاة. وفيه دليل على وجوب الخطبة في صلاة الجمعة وشرطيته على الجملة. وتفصيل أحكام التخلف عن الخطبة ليست مساوية للتخلف عن الصلاة إلّا في أصل حرمة التخلف عن حضور الخطبة بغير عذر.
وفي حديث «الموطأ» «فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» ولا شك أن الإمام إذا خرج ابتدأ بالخطبة فكانت الخطبة من الذكر وفي ذلك تفسير للفظ الذكر في هذه الآية. وإنما نهوا عن البيع لأنه الذي يشغلهم ولأن سبب نزول الآية كان لترك فريق