به من لفظه في مجلس عام حضره خلق كثيرون في دار كثيرة ، وحضرت ذلك اليوم في آخر المجلس ، وسمعت بعضه من لفظه ، وكنت قد سمعت منه قبل ذلك مرتين ولله الحمد ، وكان رحمهالله من أعيان التجار ببغداد وأرباب الثروة الواسعة والتحمل الكثير ، وكان قد سافر كثيرا في طلب الكسب برا وبحرا ورأى العجائب ، ثم عاد في آخر عمره إلى بغداد وافتقر وتضعضع ولزم منزله إلى حين وفاته ، واحتاج إلى أن يأخذ من طلاب الحديث والأغنياء ما يرفق به ، وكان لا يروي أحاديث بن عرفة إلا بدينار ، وذلك من تحسين ولده له ، سمعت منه الكثير وقرأت عليه كثيرا بالسمع والإجازة ، وكنت كثير الملازمة له ، وكان صدوقا أمينا حسن الأخلاق ، مليح المجالسة ، دمثا ، من محاسن الزمان وبقية الناس.
أخبرنا عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني قراءة عليه غيرة مرة قال : أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الكاتب قراءة عليه في شهر ربيع الآخر من سنة ست وخمسمائة أنبأنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز ، أنبأنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثني المبارك بن سعيد أخو سفيان الثوري عن موسى الجهني عن مصعب بن سعد عن سعد (١) بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيمنع أحدكم أن يكبر في دبر كل صلاة عشرا ويسبح عشرا ويحمد عشرا ، فذاك في خمس صلوات خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان ، وإذا أوى إلى فراشه كبر أربعا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وسبح ثلاثا وثلاثين ، فتلك مائة باللسان وألف في الميزان ، قال : ثم قال : فأيكم يعمل في يومه ابن كليب وليلته ألفين وخمسمائة سيئة» (٢).
أخبرنا أبو الفرج بن كلب قراءة عليه ، أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب قراءة عليه في سنة تسع وخمسمائة أنبأ أبو على الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن
__________________
(١) انظر الحديث في : الجامع الكبير ٩١٥٣. وكنز العمال ٤٩٦٥.
(٢) انظر الحديث في : مسند أحمد ٢ / ٤١٣ ، وسنن الترمذي ٢٨٧٥. والسنن الكبرى للبيهقي ٢ / ٣٧٦.