كل الناس طبيعة وعملا ، كما أشرت فيما تقدم ، ولا أخفي اني أشعر بعبء ثقيل عند تفسير الآيات التي فيها اسم بني إسرائيل.
(وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ). وأظهر هذه الأيام ، وأعظمها نعمة عليهم يوم أنجاهم الله من عذاب فرعون وحررهم من الرق والعبودية .. لله من حكم .. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) .. صبرا على بلائك أملا بنصرك وآلائك .. ذلك اشارة الى التذكير ، والمراد بالآيات هنا العبر والعظات ، ومن الواضح ان الذي يتعظ ويعتبر هو المؤمن حقا الذي يشكر عند الرخاء ، ويصبر عند البلاء ، مع الجد والاجتهاد في الخلاص مما يعانيه.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ). ذكّر موسى (ع) بني إسرائيل بما صنعه فرعون بهم من الذبح والاسترقاق ، وبنعمة الخلاص من ذلك ، وأمرهم أن يذكروا الله ويشكروه على هذه النعمة .. ولكنهم لم يذكروه ولم يشكروه ، بل كفروا بالله ، وجحدوا نعمته ، وتمردوا عليه وعلى نبيهم موسى ، وقالوا له : أرنا الله جهرة ، وقالوا له : اذهب أنت وربك فقاتلا .. ومروا على قوم يعبدون أصناما لهم ، فقالوا ، يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، ثم عبدوا من دون الله عجلا جسدا له خوار مكافأة لله الذي أنجاهم من عذاب فرعون .. ولما يئس منهم موسى ، وضاق بهم ذرعا توجه الى الله وقال : ربي اني لا أملك الا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين .. فأي عجب بعد هذا إذا تنكر اليهود لنعمة المسلمين عليهم يوم نبذهم العالم ، حيث لا أمريكا ولا انكلترا ولا المانيا الغربية تتخذ منهم سمسارا مخلصا ، وكلبا حارسا للاستعمار والنازية؟. ومر نظير هذه الآية في ج ١ ص ٩٨ الآية ٤٩ من سورة البقرة.
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ). المراد بالكفر هنا الكفران ، وهو عقوق المنعم وجحود نعمته ، لأن الحديث عن جحود بني إسرائيل لأنعم الله ، ولأن الشكر يقابله الكفران ، لا الكفر ، وقد ذكرا في آية واحدة. وقال المفسرون أو الكثير منهم : المراد ان الله إذا أنعم