التعريف بعلمِ الاصول
كلمة تمهيدية :
بعد أن آمن الإنسان بالله والإسلام والشريعة ، وعرف أنّه مسؤول بحكم كونه عبداً لله تعالى عن امتثال أحكامه يصبح ملزماً بالتوفيق بين سلوكه في مختلف مجالات الحياة والشريعة الإسلامية ، وباتّخاذ الموقف العمليّ الذي تفرضه عليه تبعيّته للشريعة ، ولأجل هذا كان لزاماً على الإنسان أن يعيِّن هذا الموقف العملي ، ويعرف كيف يتصرّف في كلّ واقعة.
ولو كانت أحكام الشريعة في كلّ الوقائع واضحةً وضوحاً بديهياً للجميع لكان تحديد الموقف العمليّ المطلوب تجاه الشريعة في كلّ واقعةٍ أمراً ميسوراً لكلّ أحد ، ولمَا احتاج إلى بحثٍ علميٍّ ودراسةٍ واسعة ، ولكنّ عوامل عديدة ، منها : بعدنا الزمني عن عصر التشريع أدّت إلى عدم وضوح عددٍ كبيرٍ من أحكام الشريعة واكتنافها بالغموض.
وعلى هذا الأساس كان من الضروريِّ أن يوضع علم يتولّى دفع الغموض عن الموقف العمليِّ تجاه الشريعة في كلّ واقعةٍ بإقامة الدليل على تعيينه.
وهكذا كان ، فقد انشئ علم الفقه للقيام بهذه المهمّة ، فهو يشتمل على تحديد الموقف العمليّ تجاه الشريعة تحديداً استدلالياً ، والفقيه في علم الفقه يمارس إقامة الدليل على تعيين الموقف العمليّ في كلّ حدثٍ من أحداث الحياة ، وهذا ما نطلق عليه اسم «عملية استنباط الحكم الشرعي».