القيود المتأخّرة زماناً عن المقيّد
القيد : تارةً يكون قيداً للحكم المجعول ، واخرى يكون قيداً للواجب الذي تعلّق به الحكم ، كما تقدّم. والغالب في القيود في كلتا الحالتين أن يكون المقيّد موجوداً حال وجود القيد أو بعده. فاستقبال القبلة قيد يجب أن يوجد حال الصلاة ، والوضوء قيد يجب أن توجد الصلاة بعده ، ويسمّى الأوّل ب «الشرط المقارن» ، والثاني ب «الشرط المتقدّم».
ولكن قد يدّعى أحياناً شرط للحكم أو للواجب ، ويكون متأخّراً زماناً عن ذلك الحكم أو الواجب.
ومثاله : ما يقال من أنّ غسل المستحاضة في ليلة الأحد شرط في صحّة صوم نهار السبت ، فهذا شرط للواجب ولكنّه متأخّر عنه زماناً.
ومثال آخر : ما يقال من أنّ عقد الفضوليّ ينفذ من حين صدوره إذا وقعت الإجازة بعده ، فهذا شرط للحكم ولكنّه متأخّر عنه زماناً.
وقد وقع البحث اصوليّاً في إمكان ذلك واستحالته :
إذ قد يقال بالاستحالة ؛ لأنّ الشرط بالنسبة إلى المشروط بمثابة العلّة بالنسبة إلى المعلول ، ولا يعقل أن تكون العلّة متأخّرةً زماناً عن معلولها.
وقد يقال بالإمكان.
ويرد على هذا البرهان : أمّا بالنسبة إلى الشرط المتأخّر للواجب فبأنّ القيود الشرعيّة للواجب لا يتوقّف عليها وجود ذات الواجب ، وإنّما تنشأ قيديّتها من تحصيص المولى للطبيعة بحصّةٍ عن طريق تقييدها بقيد ، فكما يمكن أن يكون القيد المحصّص مقارناً أو متقدّماً يمكن أن يكون متأخّراً.