أصل التكليف ، ويدخل في النحو الأوّل المتقدّم. وإن فُرض أنّ مسقطيّته كانت بمعنى أخْذِ عدمه قيداً في بقاء الوجوب فهو مسقط بمعنى كونه رافعاً للوجوب ، لا أنّه مانع عن حدوثه ، فالوجوب معلوم ويشكّ في سقوطه ، والمعروف في مثل ذلك أنّ الشكّ في السقوط هنا كالشكّ في السقوط الناشئ من احتمال الامتثال يكون مجرىً لأصالة الاشتغال ؛ لا للبراءة.
ولكنّ الأصحّ أنّه في نفسه مجرى للبراءة ؛ لأنّ مرجعه إلى الشكّ في الوجوب بقاءً ، ولكنّ استصحاب بقاء الوجوب مقدّم على البراءة.
البراءة عن الاستحباب :
النقطة الثالثة : في أنّ البراءة هل تجري عند الشكّ في التكاليف الإلزاميّة فقط ، أو تشمل موارد الشكّ في الاستحباب والكراهية أيضاً؟
ولعلّ المشهور أنّها لاتجري في موارد الشكّ في حكم غير إلزاميّ ؛ لقصور أدلّتها.
أمّا ما كان مفاده السعة ونفي الضيق والتأمين من ناحية العقاب فواضح ؛ لأنّ الحكم الاستحبابيّ المشكوك ـ مثلاً ـ لاضيق ولا عقاب من ناحيته جزماً ، فلا معنى للتأمين عنه بهذا اللسان.
وأمّا ما كان بلسان «رفع مالا يعلمون» فهو وإن لم يفترض كون المرفوع ممّا فيه مظنّة للعقاب ولكن لا محصّل لإجرائه في الاستحباب المشكوك ؛ لأنّه : إن اريد بذلك إثبات الترخيص في الترك فهو متيقّن في نفسه ، وإن اريد عدم رجحان الاحتياط فهو معلوم البطلان ؛ لوضوح أنّ الاحتياط راجح على أيّ حال.