تمهيد :
الدليل الشرعيّ قد يدلّ على حكمٍ دلالةً واضحةً توجب اليقين أو الاطمئنان بأنّ هذا الحكم هو المدلول المقصود ، وفي هذه الحالة يعتبر حجّةً في دلالته على إثبات ذلك الحكم ؛ لأنّ اليقين حجّة ، والاطمئنان حجّة ، من دون فرقٍ بين أن يكون هذا الوضوح واليقين بالدلالة قائماً على أساس كونها دلالةً عقليّةً إنّيّةً من قبيل دلالة فعل المعصوم على عدم الحرمة ، أو على أساس كون الدليل لفظاً لا يتحمّل بحسب نظام اللغة وأساليب التعبير سوى إفادة ذلك المدلول ؛ وهو المسمّى بالنصّ ، أو على أساس احتفاف الدليل اللفظيّ بقرائن حاليّةٍ أو عقليّةٍ تنفي احتمال مدلولٍ آخر وإن كان ممكناً من وجهة نظرٍ لغويّةٍ وعرفيّةٍ عامّة.
وقد يدلّ الدليل الشرعيّ على أحد أمرين أو امورٍ على نحو تكون صلاحيّته لإفادة أيّ واحدٍ منها مكافئةً لصلاحيّته لإفادة غيره بحسب نظام اللغة وأساليب التعبير العرفيّ ، وهذا هو المجمل ، ويكون حجّةً في إثبات الجامع على أساس العلم بأنّ المراد لا يخلو من أحد محتمليه أو محتملاته.
هذا فيما إذا كان للجامع أثر قابل للتنجيز بالعلم المذكور ، وأمّا كلّ واحدٍ من المحتملات بخصوصه فلا يثبت بالدليل المذكور إلاّمع الاستعانة بدليلٍ خارجيٍّ على نفي المحتمل الآخر ، فيضمّ إلى إثبات الجامع ، فينتج التعيّن في المحتمل البديل.
وقد يدلّ الدليل الشرعيّ على أحد أمرين مع أولويّة دلالته على أحدهما بنحوٍ ينسبق إلى الذهن تصوّراً على مستوى المدلول التصوّريّ ، وتصديقاً على