شموليّ وانحلاليّ ، بمعنى أنّ كلّ فردٍ له وجوب إكرام. وأمّا المشكوك في المثال الثاني فهو لو كان فرداً ثانياً حقّاً للماء لَما حدث وجوب آخر للغسل ؛ لأنّ وجوب الغسل بالنسبة إلى أفراد الماء بدليّ ، فلا يجب الغسل بكلّ فردٍ من الماء ، بل بصرف الوجود ، فكون المشكوك فرداً من الماء لا يعني تعدّداً في الواجب ، بل يعني أنّك لو غسلت به لكفاك ولاعتُبِرت ممتثلاً.
وعلى هذا تجري البراءة في المثال الأوّل ؛ لأنّ الشكّ شكّ في الوجوب الزائد ، فلا يجب أن تكرم من تشكّ في عدالته. وتجري أصالة الاشتغال في المثال الثاني ؛ لأنّ الشكّ شكّ في الامتثال ، فلا يجوز أن تكتفي بالغسل بالمائع الذي تشكّ في أنّه ماء.
النحو الثالث : أن لا يكون هناك شكّ في القيد إطلاقاً ، وإنّما الشكّ في وجود متعلّق الأمر ، وهذا واضح في أنّه شكّ في الامتثال مع العلم بالتكليف ؛ فتجري أصالة الاشتغال.
وهنا مورد الكلمة المعروفة القائلة : «إنّ الشغل اليقينيّ يستدعي الفراغ اليقيني».
النحو الرابع : أن يشكّ في وجود مسقطٍ شرعيٍّ للتكليف ، ذلك أنّ التكليف كما يسقط عقلاً بالامتثال أو العصيان كذلك قد يسقط بمسقطٍ شرعيٍّ ؛ من قبيل الاضحية المسقطة شرعاً للأمر بالعقيقة ، وعليه فقد يشكّ في وقوع المسقط الشرعيّ : إمّا على نحو الشبهة الحكميّة بأن يكون قد ضحّى ويشكّ في أنّ الشارع هل جعلها مسقطة؟ أو على نحو الشبهة الموضوعيّة بأن يكون عالماً بأنّ الشارع جعل الاضحية مسقطة ؛ ولكنّه يشكّ في أنّه ضحّى.
والمسقط الشرعيّ لا يكون مسقطاً إلاّإذا اخذ عدمه قيداً في الطلب أو الوجوب ، وحينئذٍ فإن فُرض أنّه احتُمل أخْذُ عدمه قيداً وشرطاً في الوجوب على نحوٍ لا يحدث وجوب مع وجود المسقط فالشكّ في المسقط بهذا المعنى يكون شكّاً في