عليه في مقابل وضع
التكليف المشكوك وضعاً ظاهريّاً بإيجاب الاحتياط تجاهه. وكلّ من الاحتمالين ينفع
لإثبات السعة ؛ لأنّ التكليف المشكوك منفيّ : إمّا واقعاً ، وإمّا ظاهراً ، ولكنّ
الاحتمال الأوّل ساقط ؛ لأنّه يؤدّي إلى تقيّد الأحكام الواقعيّة الإلزاميّة
بالعلم بها ، وقد سبق أنّ أخذ العلم بالحكم قيداً لنفس الحكم مستحيل.
فإن قيل : أولستم
قلتم بإمكان أخذ العلم بالجعل في موضوع المجعول؟!
قلنا : نعم ،
ولكنّ ظاهر الحديث أنّ المرفوع والمعلوم شيء واحد ، بمعنى أنّ الرفع والعلم
يتبادلان على مركزٍ واحد ، فإذا افترضنا أنّ العلم بالجعل مأخوذ في موضوع المجعول
فهذا معناه أنّ العلم لوحظ متعلّقاً بالجعل ، وأنّ الرفع إنّما هو رفع للمجعول
بتقييده بالعلم بالجعل.
وهذا خلاف ظاهر
الحديث ، فلابدّ إذن من افتراض أنّ الرفع يتعلّق بالمجعول ، وكذلك العلم ، فكأ نّه
قال : الحكم المجعول مرفوع حتّى يُعلم به. وعلى هذاالأساس يتعيّن حمل الرفع على أنّه
ظاهريّ لا واقعيّ ، وإلاّ لزم أخذ العلم بالمجعول قيداً لنفس المجعول ، وهو محال.
الثانية : أنّ الشكّ في التكليف تارةً يكون على نحو الشبهة
الموضوعيّة ، كالشكّ في حرمة المائع المردّد بين الخلّ والخمر. واخرى يكون على نحو
الشبهة الحكميّة ، كالشكّ في حرمة لحم الأرنب مثلاً ، وعليه فالرفع الظاهريّ في
فقرة «رفع مالايعلمون» قد يقال باختصاصه بالشبهة الموضوعيّة ، وقد يقال باختصاصه
بالشبهة الحكميّة ، وقد يقال بعمومه لكلتا الشبهتين.
أمّا الاحتمال
الأوّل فقد استدلّ عليه بوحدة السياق لاسم الموصول في الفقرات المتعدّدة ، إذ من
الواضح أنّ المقصود منه في «ما اضطرّوا إليه» ونحوه الموضوع الخارجيّ ، أو الفعل
الخارجيّ ، لانفس التكليف ، فيحمل «مالا يعلمون» على الموضوع الخارجيّ أيضاً ،
فيكون مفاد الجملة حينئذٍ : أنّ الخمر غير المعلوم