بالاحتياط.
ومنها : آية السؤال من أهل الذكر ، وهي قوله تعالى : (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلاّرجَالاً نُوحِي إلَيْهِمْ فَاسْألُوا أهْلَ
الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) .
وتقريب الاستدلال
: أنّ الأمر بالسؤال يدلّ بإطلاقه على وجوب قبول الجواب ولو لم يفِدِ العلم ؛
لأنّه بدون ذلك يكون الأمر بالسؤال في حال عدم إفادة الجواب للعلم لغواً ، وإذا
وجب قبول الجواب ولو لم يفِدِ العلم ثبتت الحجّيّة.
وقد اتّضح الجواب
ممّا سبق ، إضافةً إلى أنّ الأمر بالسؤال في الآية ليس ظاهراً في الأمر المولويّ
لكي يستفاد منه ذلك ؛ لأنّه وارد في سياق الحديث مع المعاندين والمتشكِّكِين في
النبوّة من الكفّار ، ومن الواضح أنّ هذا السياق لا يناسب جعل الحجّيّة التعبّديّة
، وإنّما يناسب الإرشاد إلى الطرق التي توجب زوال التشكّك ودفع الشبهة بالحجّة
القاطعة ؛ لأنّ الطرف ليس ممّن يتعبّد بقرارات الشريعة.
ونلاحظ أيضاً :
أنّ الأمر بالسؤال مفرّع على قوله : «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلاّ
رِجَالاً نُوحِي إلَيْهِمْ» ، والتفريع يمنع عن انعقاد إطلاقٍ في متعلّق السؤال
لكي يثبت الأمر بالسؤال في غير مورد المفرّع عليه وأمثاله. هذا ، على أنّ مورد
الآية لا حجّيّة فيه لأخبار الآحاد ؛ لأنّه يرتبط باصول الدين.
وإذا قطعنا النظر
عن كلّ ذلك فالاستدلال يتوقّف على حمل أهل الذِكر على العلماء والرواة ـ لا أهل
النبوّات السابقة ـ بحمل الذِكر على العلم ، لا على الرسالة الإلهيّة.
وأمّا السنّة
فلابدّ لكي يصحّ الاستدلال بها في المقام أن تكون ثابتةً بوسيلةٍ من وسائل الإحراز
الوجدانيّ ، ولا يكفي ثبوتها بخبر الواحد ؛ لئلاّ يلزم الدور. وهنا
__________________