كان من أشد الناس في ذلك الزمان فقال : هل كان وراءك من غيث؟ قال : نعم ، ولكن لا أحسن ما أقول كما يقول هؤلاء ، قال : فما تحسن؟ قال : أصابتني سحابة بحلوان ، فلم أزل أطأ في أثرها حتى دخلت على الأمير ، قال : لئن كنت أقصرهم في المنطق خطبة ، إنك لأطولهم بالسيف خطوة.
[قال ابن عساكر :](١) كذا قال ، وعياد بن موسى يروي هذه الحكاية عن أبي بكر الهذلي عن الشعبي.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة ، وقرأ علي إسناده أنبأ أبو علي محمد ابن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٢) ، أنا أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير القاضي ، أخبرني أبي عبد الله بن نصر بن بجير ، حدّثني أبو جعفر محمد بن عباد بن موسى ، نا عباد بن موسى (٣) ، أخبرني أبو بكر الهذلي (٤) قال : قال لي الشعبي.
دخل الحاجب ـ يعني على الحجاج بن يوسف ـ فقال : إن بالباب رسلا ، قال : أدخلهم ، فدخلوا وسيوفهم على عواتقهم ، وعمائمهم في أوساطهم وكتبهم بأيمانهم ، قال : ائذن ، فدخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم قال : من أين؟ قال : من الشام ، قال : كيف أمير المؤمنين؟ كيف هو في بدنه؟ كيف هو في حاشيته؟ كيف ، كيف؟ قال : خير ، قال : كان وراءك من غيث؟ قال : نعم ، أصابتني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب ، قال : فانعت لي كيف كان وقع المطر ، وكيف كان أثره وتباشيره؟ قال : أصابتني سحابة بحوران ، فوقع قطر صغار ، وقطر كبار ، فكان الصغار لحمة الكبار ، ومتداركا (٥) وهو السح الذي سمعت به فؤاد سائل ، وواد نازح ، وأرض مقبلة وأرض مدبرة ، وأصابتني سحابة بسوى (٦) فأندت الدماث وأسالت العزاز (٧) وأدحضت التلاع ، وصدعت عن الكماة أماكنها ،
__________________
(١) زيادة للإيضاح.
(٢) رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٨٠ وما بعدها.
(٣) قوله : نا عباد بن موسى ليس في الجليس الصالح.
(٤) هو سلمى بن عبد الله بن سلمى ، كما في تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٥ وسماه الجاحظ في البيان والتبيين ١ / ٣٦٨ عبد الله بن سلمى.
(٥) في الجليس الصالح : ووقع سبطا متداركا.
(٦) كذا ورد أيضا هنا ، وفي الجليس الصالح : «بسوان» انظر معجم البلدان ٣ / ١٨٢ سوان.
(٧) في الجليس الصالح : الغرار ، وهو الشق في الأرض.